الحجُّ هو فريضة عبادية خصَّ بها اللهُ تعالى الأنسانَ المسلم، يُؤدِّيها إن إستطاع اليه سبيلا. هذه الفريضة تعتبر من كبرى الفرائض، وأعظمها أجرا عند الله.
ومفهومُ الحج بالمعنى السياسي الأهم أنه مؤتمر الهي يلتقي فيه جميعُ المسلمين الوافدين من أصقاع الأرض على الديار المقدسة في مكة والمدينة، وأئمة البقيع ليتعارفوا، ويتباحثوا في كلِّ شؤونهم، وما تواجههم من عقباتٍ ومشاكلَ ومخاطر. فيشخصون الخلل ليجدوا له أفضل وأنجع الحلول والمعالجة، ويرسمون المعالم العامة لحياتهم في الحاضر والمستقبل.
فالأمة التي تريد أن ترتقي الى التكامل المعرفي، والأقتصادي، والأمني، والعسكري لابدَّ لها تجمع قواها فتكون صفا واحدا تتوحَّد فيه كلمتُها وحركتهُا ونمطُ حياتها. هذا ما تتكفل به فريضة الحج المقدسة بوجهها السياسي بعد إن كانت عبادية تُغتفَر فيها الذنوب، وتُطهَّر النفوسُ والقلوب، فيجد الناسك أنه وليد اليوم بلا ذنب بعد استغفار.
لقد عرف عدو الأسلام المحمدي المتمثل بأمريكا والغرب خطورة هذه الشعيرة الألهية ومنافعها السياسية وكيف أنها تضمن للمسلم حالة الوعي، وللأمة نعمة الحرية والأستقلال. ومن مخاطرها أنها الوسيلة الضامنة لتحرير فلسطين من براثن الأحتلال الصهيوني.
في أعتى هجمة أمريكية غربية نفذتها شرطة وجيش آل سعود على الحجاج المسلمين كانت في موسم حج عام 1987 وراح ضحيتها أكثر من أربعمئة حاج ارتوت أرضُ مكة بدمائهم بسبب هتافاتهم الثورية التي تجسد البراءة من المشركين ( الموت لأمريكا ، الموت لأسرائيل). هذا الحدث جاء في ظروف كان فيها الوعيُ الأسلامي الثوري قد عمَّ الشعوب المسلمة بتأثير مباشر من فكر قائد الثورة الأسلامية في إيران ، الأمام الخميني العظيم تقدست روحه الطاهرة-.
بتدبير من المخابرات الأمريكية، فالغربية، فالأسرائيلية، ثم السعودية صار موسم الحج نقمة على المسلم الوافد على الديار المقدسة لأن قدره ينتظره من موسم لآخر. فمرةً يموت بتهديم جسر من الكونكريت، وفي الموسم الأخر تتغيَّر وسيلةُ قتلهم بانفجار قناني الغاز الطبيعي فتحترق أجساد المئات من الوافدين نتيجة احتراق خيامهم التي يستظلون تحتها غافلين. ويتكرَّر موسمُ الموت حيثُ نفق المعيصيم الذي تهدم وطمر أكثر من ألف حاج فهو شاهد على نذالة آل سعود ووحشيتهم وعمالتهم. هكذا تستمر السيناريوهات ليبقى آل سعود محميين من أمريكا والغرب ، مصدِّرين النفط لأسيادهم بالمجان، أو بأبخس الأثمان.
في آخر حلقة من مسلسل خطير تديره أجهزة المخابرات الدولية، وينفذه جهاز مباحث آل سعود كانتا هما الكارثتان المروعتان اللتان حدثتا في موسم الحج لهذا العام 2015 حيث راح ضحيتهما الآلاف من ضيوف الرحمن ومحبي الرسول الأكرم- ص- الوافدين من أصقاع الأرض. ( عظم الله اجوركم ايها المسلمون )
هذه الحلقة ( الفاجعة ) كانت أكثر قسوة، وأكثر خطورة، ودقة في التنفيذ، وهي نوعية في أساليبها وأهدافها باستهداف (عناصر مهمة جدا) من الأيرانيين الذين وفدوا للحج والزيارة كانت تعتقد المخابرات الأمريكية أنهم- الصيد الثمين- الذي بحثوا عنه طويلا..... القصة الحقيقية لهذه الفاجعة ... تدبيرا، وإستعدادا، وتنفيذا لا يمكن طرحها هنا بسهولة. كذلك كيفية تشخيص العناصر المنفذة ومتابعة الخلل فيها !!!!!
أصبحت مملكة آل سعود في ظل حماية دول الأستكبار أداة تهديم للمقدسات، وطمس وتسخيف للشعائر تثيرُ من خلالها مشاعرَ المسلمين وتأججُها. كذلك إشغال المسلمين بلعق جراحهم كي يغفلوا عن تأدية الشعائر المحمدية الصحيحة التي من شأنها البراءة من مشركي هذا العصر. فليس هناك من حلٍّ يدفعنا نحن المسلمين لحماية مقدساتنا والأرواح من المخاطر التي تحيكها مخابرات أمريكا الشمالية والغرب واسرائيل ما لم تشترك جميع حكومات الدول الأسلامية في حماية أرواح الوافدين وتنظيم إدارة موسم الحج وفق معايير علمية وعملية صحيحة.
إن الفعلَ الشنيع المُخطَّط له الذي جرى على المسلمين الحجاج جراء سقوط الرافعة، أو جراء (التدافع المفتعَل) في مِنى بوضع عسكري وسياسي وأمني هش تشهده الساحة العربية عموما وفي العراق وسوريا واليمن خصوصا، يدل على تخبط أمريكا وآل سعود في مخططاتهم المرسومة وفشلها بتحقيق الأهداف، وأن هذه الدول ستخرج معافاة من فجوة الشرَك الملتف عليها بعنوان داعش.
فالمسلمون في العالم اليوم أمام مشهد مروع، ينتظرون ردة فعل الدول الأسلامية الأخرى كي تضع عرش آل سعود والمذهب الوهابي في مزبلة التاريخ.
https://telegram.me/buratha