لا يغفل أصحاب المشاريع الكبرى، وخصوصا التي تهتم ببناء أمة أو دولة، عن رسم الخطوات القادمة وتحديدها، وتحديد شخوصها المرشحين، إن أمكن ذلك، وتوفر الأشخاص، أو المجموعات المناسبين. تتعلق عملية تحديد الشخوص، أو المجموعات المعنية، بقضايا ترتبط بأهمية المسؤوليات المناطة بتلك الشخصيات، في مستقبل المشروع، وأثرها على نجاحه، وتحقيقه لأهداف الأمة أو الوطن.
لا يمكن أن يختلف إثنان، على مصداقية واقعة بيعة غدير خم، في صدر الإسلام، وثبوتها تاريخيا. لكن البعض حاول، تؤيلها بتفسيرات، تقترب أو تبتعد، بمقدار ما فهمه، أو ما تحقق من مصالحه الخاصة، أو الجهة أو الفريق الذي يؤيده، أو دفع له.
لكن ما أتفق عليه حتى أشباه المنصفون، والباحثون بموضوعية، ممن حلل الواقعة ودرسها، خطورة الدور المناط بالإمام على أبن أبي طالب، عليه وأله أفضل الصلوات، في الرسالة الإسلامية، وهو دور إختاره له النبي الأكرم عليه واله أفضل الصلوات، بتوجيه رباني.. لحماية الرسالة، وإكمالها شرحا وتوضيحا، والحفاظ على وحدة المسلمين، وحمايتهم من الفتن والإنحراف، خصوصا في ظل الظروف التي رافقت وفاة الرسول وما بعدها، مما لا يطيقه إنسان عادي. فكان فعلا إنسانا غير عاديا، لدور غير عادي.
رغم إستحالة أن يقارن دور أي شخص أو جهة، بدور الإمام علي، عليه وأله أفضل الصلوات، إلا مع حفظ النسبة وفارق خطورة الدور، وفردية شخصيته وندرتها. إلا أن الدور الذي قام به، أبطال الحشد الشعبي، على إختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم، كان من الخطورة والأهمية والمصيرية بمكان، لتعلقه بوجود العراق كوطن، وإستمرارية بقاءه موحدا.
رغم وجود قوات أمنيه، من جيش وشرطة، ومؤسسات دولة، إلا أن طبيعة التركيبة، العقائدية والوطنية للحشد، سمحت له بلعب دور توحيدي، يضاف لدوره العسكري، الذي نجح في أدائه بجدارة، وما أمتلكه كثير من قادته ومنتسبيه، من خبرة قتالية، تتلاءم وطبيعة المعركة، كونها غير نظامية أو تقليدية، وتفرده بكيفية القرار الذي أدى لتشكيله، بفتوى من المرجعية، لم يتوقع أحد أن تصدر يوما؟!
بعض الأدوار تفرض، على الإنسان أو المجموعة إضطرار، وبعضها الأخر تُختار بكامل الرغبة.
بعض تلك الأدوار، تكون ثانوية، وعلى هامش الأحداث العظيمة في مصير الأمم. وأدوار أخرى تكون في قلب الحدث، إن لم تكن هي الحدث.
https://telegram.me/buratha