ربما هذا السؤال وباعتقادي المتواضع يدور في ذهن وبال الكثير من العراقيين وبصورة ملحة لأن كل ما حدث من تظاهرات ومطالبات بالتغيير والإصلاحات دفعت بإن يضع العراق وشعبه في موقف حساس للغاية وكل تلك المطالبات كان الغاية منها الخروج من النفق المظلم الذي يسير البلد فيه والذي حذرنا منه في مقالات سابقة ومنذ فترة طويلة ولكن كالعادة كان هناك آذان صماء لا تسمع لكل ما نقوله ولكل ما نحذر منه نحن وبقية كل الخيرين من العراقيين الشرفاء من المثقفين والإعلاميين وحتى الناس البسطاء وقد قلنا وبالحرف الواحد أن سفينة العراق تسير في بحر متلاطم الأمواج وليس إلى بر وشاطئ الأمن والأمان وكذلك في نفق مظلم لا يعلم أين نهايته إلا الله ولكن كما يقال لا حياة لمن تنادي.
لتأتي هذه الصحوة الشعبية لعراقنا الحبيب ومن قبل عراقيين غيارى كان همهم الأول إنقاذ البلد وانتشاله من الكبوة التي وضع فيها من قبل أناس لا هم لهم إلا مصلحتهم وزيادة ثرائهم وتدمير البلد والذين اعتبرهم هؤلاء الطفيليين من تجار السياسة وهم المفسدين يسيرون في نفس الخط الذي يسير معه الإرهابيين وكذلك تنظيم داعش المجرم والمصنوع بأيدي أضحت معروفة من قبل الجميع ولا حاجة لقول من صنع هذا التنظيم المجرم لجعل البلد يغوص في مستنقعات الفوضى والأزمات وقد كانت رغبة الكثير من الأجندات الخارجية ممثلة وفي مقدمتها أمريكا والكيان الصهيوني والكثير من دول الجوار والعروبية تدمير العراق وشعبه مستخدمة بذلك أدوات وأجندات داخلية تنفذ كل تلك الأوامر بكل دقة وحرفية ومهنية غايتها الأولى والأخيرة بقاء البلد يراوح في مكانه في ليدور في حلقة من المحن والويلات والمآسي والأزمات وكان أغلب أحزابنا السياسية وبغض النظر عن المسميات هي خير عون لهم في ذلك وهم يتحركون في هذا المجال القذر لسببين :
الأول : أنهم وكما أسلفنا ينفذون أجندات خارجية هم يأتمرون بأمرها وهم أهم ممول ومصدر لهم لتمويل كل نشاطاتهم وكانوا خدام مخلصين في هذا المجال ضاربين عرض الحائط كل ولاء للوطن وللشعب وحماية المصالح العليا للعراق وشعبه والتي تعتبر من اول الأولويات لكل عراقي مخلص وشريف ولكن يبدو أن الغيرة والشرف والولاء للوطن قد نزعت من هؤلاء النماذج من الشخوص.
الثاني : وهو مرتبط بالسبب الأول وهو أنه عندما يتم تنفيذ تلك الأجندات الخارجية لهذه الأحزاب والسياسيين أنهم قد ضمنوا لهم دور في اللعبة السياسية التي تجري في العراق أي بمعنى أصح أنهم قد حصلوا على كراسي ومناصب في العملية السياسية التي تجري في العراق وهذا يعني أنه الحصول على الكثير من المكاسب والمنافع الشخصية الضيقة ليزداد ثراء هؤلاء النماذج سواء بالنسبة للأشخاص وأحزابهم التي ينتمون إليها وبصورة لا يصدقها العقل والمنطق وليصبحوا عبارة إمبراطوريات مالية تسير في هذه الأرض بفضل مناصبهم والتي تم الحصول عليها باسم مصطلحات حتى ليست موجودة في القاموس السياسي للعالم أجمع ومنها التوافق والشراكة الوطنية والسلم الأهلي والتي ما أنزل الله بها من سلطان والتي تندرج تحت خانة المحاصصة الطائفية البغيضة والتي يرفضها أغلب مكونات الشعب العراقي.
ونتيجة لذلك لهذه الممارسات الخاطئة والتي اعتبرها برأيي الشخصي ممارسات مجرمة تندرج تحت خانة الإرهاب أدت إلى ظهور ظاهرة غربية عن العراق وشعبه وهي ظاهرة الفساد والمفسدين وبأبشع صوره والذين جاء نتيجة هؤلاء المفسدين على كراسي السلطة وهم لا يحملون إي شهادات أكاديمية أو مهنية وحتى أي خبرة سوى أنهم ينتمون إلى أحزاب وحيتان كبيرة ويمارسون الفساد والتخبط والفوضى يشفعهم في ذلك أحزابهم وأنهم في مأمن من أي حساب أو رقابة عليهم وهذا ما أدى إلى شيوع الفساد وعلى أوسع نطاق وفي كل مرافق الدولة وأدقها وأصغرها بحيث لا يتم تعيين الشخص الذي يقدم للتعيين إلا إذا كان ينتمي إلى أحد الأحزاب التي مسئولها الإداري لتلك الدائرة أو الوزارة من نفس الحزب وكأننا رجعنا إلى عهود الحقبة الظلامية في زمن الصنم هدام في أنه لا يتم التعيين إلا بالانتماء إلى حزب البعث المقبور ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه أو عن طريق أبشع وأقذر في أنه يمكن التعيين بدفع عدد من الأموال والتي أضحى التعامل بالدولار في قضية التعيين كأن تدفع مثلاً تسعة أوراق أو أقل أو أكثر وحسب أهمية الدائرة ومقدار الراتب التي يدفع فيها ليصل الأمر حتى إلى نقل الشخص مثلاً من مدرسة إلى مدرسة في قطاع التعليم أو من دائرة إلى أخرى يكون أيضاً بنفس الطريقة في التعامل بالدفع الذي ذكرناه آنفاً.
وليبلغ السيل الزبى من ناحية شيوع الفساد والمفسدين من خلال أقامة مشاريع وهمية واختلاس كل الأموال الخاصة بها وهي مشاريع على الورق فقط وهذا ما يحصل وعلى نطاق واسع في المشاريع المتوقفة والمتلكئة من خلال سرقة أموال المشاريع التي يتم التعاقد بإعطائها إلى شركات وهمية أو مقاولين محسوبين على الأحزاب وعدم تنفيذ المشاريع وإعطائها إلى مقاول وشركة ثانية وثالثة لتستمر المهازل في هذا الوطن في مسلسل يتم زيادة مآسي ومحن الشعب العراقي الصابر الجريح وتجويع المواطن العراقي ولتزداد جيوش العاطلين لتصل إلى أرقام مخيفة ولتصل معدل المواطنين الذين هم تحت خط الفقر إلى نسبة 23% وهو رقم مخيف ويجب التنبه له ولكن كل من في السياسة وفي المنطقة الخضراء من حكومة وبرلمان ومسؤولين لا يهمهم هذا الأمر لأنهم منشغلين بأمر أهم وهو الركض وراء أخذ قضمة من الكعكة العراقية والجري وراء زيادة ثرواتهم الضخمة وملء كروشهم المنتفخة.
ولتأتي الضائقة الاقتصادية التي يمر بها البلد وهبوط أسعار النفط وبشكل سريع وليؤشر على مرور العراق بأكبر محنة اقتصادية تصل به إلى حد الإفلاس إذا لم يتدارك الأمر لأن العراق هو على حافة الإفلاس إذا لم يتم تدارك الأمر والعمل وبجد وهمة من أجل تدارك هذا الأمر والذي في حالة نزول أسعار النفط سوف يؤدي بالحكومة عدم مقدرتها حتى على دفع رواتب موظفيها والذين يقدر أعدادهم بستة ملايين في سياسة خاطئة اعتمدت على تعيين الأشخاص بدون تخطيط علمي مسبق ولتشكل ظاهرة البطالة المقنعة وبأكبر أشكالها ولتصبح إنتاجية الموظف العراقي في اليوم هو 17 دقيقة فقط من أصل 8 ساعات، مع إن الحكومة تصرف سنويا ما يعادل الـ(40)مليار دولار كرواتب لعاملين في دوائرها يقضون 36 يوم بالعمل من مجموع 365 يوماً في السنة.وبعطل مستمرة تصل وهذا ماصرحت به عضوة اللجنة المالية ماجدة التميمي " في بلد احتل المركز الأول بين دول العالم في عدد أيام العطل، والتي تصل وفق قانون العطل الرسمية إلى 150 يوما في السنة " . ناهيك عن تسيب الموظفين ودوامهم بين سطر والأجازات المرضية والاعتيادية والتي لا تنقطع. مع أن هذا ال(150) من العطل مقرة من قبل مجلس النواب، فأي فوضى نحن فيها؟.
مضاف إليهم هم ثالث وما أكثر هموم ومحن العراق والعراقيين هو شبه توقف للقطاع الصناعي وبكافة مفاصلة أما عن القطاع الزراعي وبالرغم يوجد نهرين في العراق وهذا ما لا يوجد في أي بلد في العالم نلاحظ أن دور هذا القطاع شبه معدوم ومتوقف بحيث أغلب غلتنا الزراعية يتم استيرادها من الخارج ومن دول أصغر من العراق وتعاني من شحه في المياه مثل الأردن وسوريا وغيرها.
والكارثة كبيرة أنه لا توجد لدى كل سياسيينا ممثلة حتى برئيس الوزراء نزولاً إلى ابسط مفصل في الدولة وكذلك في الهيئة التشريعية أي حلول آنية أو في المستقبل القريب لمعالجة هذه الكارثة التي بوادر إطلالتها بدأت تطل على العراق وشعبه والتي لا نتمنى وندعو من الله أن لايحصل هذا الأمر ولكن كل الأحداث والوقائع تدلل على ذلك لأنه وكما يقال في المثل العامي(الرعة صغيرة والش بير).
ومن هنا جاءت نهضة العراقيين الغيارى من الشباب العراقيين ومع كل الناشطين ومن مختلف الفئات العمرية ومن مختلف شرائح المجتمع العراقي للوقوف بهذا الانهيار الذي يتعرض له العراق وشعبه وللمطالبة بالتغيير والقيام بإصلاحات حقيقية تنقذ البلد والشعب من هذه المحنة الذي هو فيها.
والذي سوف نتعرض لهذه المسألة في جزئنا القادم إن شاء الله إن كان لنا في العمر بقية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
https://telegram.me/buratha