لا تتقدم أمة, إن لم تقوم بمراجعة مسيرتها بين فترة وأخرى, وتصحح ما أنحرف , وتؤكد ما صح, من برامجها وسياساتها, وخططها الإستراتيجية.
لبلد مثل العراق, وما مر به من تجارب, من نظام طاغية مجنون, حطم شعبه, وطالت أثاره كل أنحاء المعمورة, وحكم احتلال أزال الدولة, أو ما بقي منها, وأعاد بناء الدولة الجديدة, بنظم وقوانين وأليات, مفخخة بكل مفاصلها.. صارت المراجعة ضرورة قصوى.
تلك المراجعة يجب أن يتبعها إصلاح وتصحيح للأخطاء, ومحاسبة للمقصرين والمفسدين, وهذا يتطلب تفعيل قوانين, وسن أخرى جديدة, مما يستلزم تصحيح عمل المؤسسات القضائية, وكافة مؤسسات الدولة.. أي تقويم المنظومة السياسية, وهيكل الدولة بشكل عام. ما تم تقديمه من إصلاحات, ولمن يفهم ماهية بناء الدولة, ويمتلك شيئا من الرؤية والتفكير الاستراتيجي, يعلم عين اليقين أنها إصلاحات شكلية, رغم أهميتها الرمزية والمعنوية لبعض الجمهور, إلا أنها لم تمس جوهر المشكلة.. ربما هي ضرورية, لكنها ليست أساس مشاكلنا.
مشكلتنا تتعلق ببلورة وإيجاد, رؤية تعالج مشاكلنا, وتجد لها حلولا حقيقية وجذرية, ولا حاجة لنا بحلول ترقيعيه, تجعلنا نعبر مرحلة أو ظرفا ما.. فالعراق بحاجة للنهوض بمختلف قطاعاته, وتنويع موارده وتعظيمها, وحسن إستغلال ثروته النفطية, لتطوير بقية قطاعاته, وخروجنا من حالة الدولة الريعية, التي تعتمد على النفط لتأكل فقط, إلى الدولة المنتجة, التي تستخدم موردها من النفط, لتطوير قطاعات ستنتج وتدر دخلا هي الأخرى, ويؤطر ذلك كله, بتشريعات تنظم وتسهل وتقنن هذا النشاط.. فهل الإصلاحات التي جرت أو تم الحديث عنها, تحقق ذلك, أو تؤسس له؟!
رغم الضجة التي أفتعلها المتضررون وأحزابهم, من الإصلاحات التي حصلت لحد الأن, ونزول جمهور بعضهم إلى الساحات, ومحاولتهم الإختلاط بالمتظاهرين, ورفعهم شعارات ضد الحكومة, وضد خصومهم السياسيين, بل وضد المرجعية أحيانا.. لكن كذلك لم تكن المطالب المطروحة في التظاهرات, تمس عمق المشكلة وأساسها, وبقيت مطالب فردية بمجملها, أو تخص مجموعات بعينها, والجمهور لا يلام في ذلك, فهو يفكر بمقدار حاجته, وما يخصه من الموضوع, هذه طبيعة الإنسان.
يجب أن تعيد الحكومة والبرلمان, ومن بيدهم الأمور النظر.. بكافة الأمور والخطط والسياسات المتبعة, على المستويين الأني والإستراتيجي.. فحاجتنا ليست لرجال سياسية وأحزاب, بل حاجتنا لرجال دولة.. ونحن لحد الأن لم نرى طحينا.. فقط رأينا جعجعة.
https://telegram.me/buratha