تختلف نظم الديمقراطية في ألياتها, التي تتيح للمواطن, ممارسة وتحقيق رغبته للمشاركة في السلطة, وإدارة شؤون حياته, أو إيصال صوته, للمطالبة بحقوقه, أو ممارسة واجباته ومسؤولياته.
أهم تلك الأليات وجوهرها, عملية الإنتخابات, بغض النظر إن كانت تخص السلطة التشريعية أو التنفيذية, إضافة لأليات أخرى لا تقل أهمية, في تكاملية وفاعلية النظام السياسي الديمقراطي, كفصل السلطات, ورقابة الإعلام ودوره الناقد وغيرها. عندما تتوقف أو تفشل, كل تلك الأليات, في تحقيق ما يريده المواطنون, أو فئة منهم, عندها تظهر حراكات شعبية, تكون على شكل ندوات أو تجمعات جماهيرية, وقد تصل حد التظاهر.
تحصل تلك التظاهرات أحيانا عفويا, نتيجة لغضب الجماهير أو تفاعلها مع قضية أو مشكلة, وهي حالة صحية وطبيعية, وفي حالات أخرى, تحصل نتيجة لنزول جمهور حزب سياسي أو تيار, إلى الشارع, لتحقيق مطالب فئوية تخص جمهور هذا الحزب, أو مطالب حزبية أو سياسية, أو لإسقاط الحكومة طلبا للسلطة, وهذا أمر متعارف عليه ومقبول, ضمن النظم السياسية.. وأحيانا تختلط الأسباب مع بعضها.
خلال الأيام الماضية, حصلت تظاهرات غاضبة في العراق, خرج بعضها عن الحدود المقبولة للإحتجاج, فيما نجح بعضها أن يكون حضاريا بشكل مقبول.. ومن الجدير بالإنتباه والملاحظة, أن هذ الموسم من كل سنة, غالبا ما يشهد حراكا في الشارع, متأثرا غالبا بالمناخ المتطرف خلالها, وأثره على تغير مزاج المواطن البسيط, ووصوله حد الإحتقان, ويرافق ذلك دوما بروز وتعاظم مشاكل نقص الخدمات, وفي مقدمتها توفير الطاقة الكهربائية, وإستغلال ذلك من الجهات السياسية, لمهاجمة بعضها البعض خصوما كانوا أو حلفاء, بهدف تسقيطهم سياسيا وإعلاميا.
من الواقعية القول, أننا كمجتمع لازلنا نحتاج لوقت وممارسة, لنصل إلى حد مقبول من الوعي السياسي والإجتماعي, ونميز حدود واجباتنا ومسؤولياتنا عن حقوقنا.. لكن هذا لا يغير حقيقة أن التظاهر حالة صحية.. إن نجحنا في منع استغلالها من المندسين المخربين, أو ممن يريد تسييسها لأغراض بعيدة عن مصلحة المواطن والوطن.
يتصور كثير من المواطنين البسطاء وساسة الصدفة, أن التظاهر حق كفله دستورنا, والصحيح أن التظاهر مسؤولية وواجب.. على كل مواطن, أن توفرت موجبات حقيقية لها.. فهل أكتملت موجبات تظاهراتنا؟
حصل إجماع نادر, من الجمهور ومن القوى السياسية المهمة, أن هناك قصور وتقصيرا, في تحقيق متطلبات المواطن وإحتياجاته الضرورية, وأن تلك التظاهرات كانت جرس إنذار, كما وصفها رأس الحكومة.. لكن هل هذا ينفي أن هناك من حاول دس السم بالعسل؟ وحاول خلط الأوراق؟ وهاجم المرجعية وحاول تسقيط خصومه السياسيين, لأغراض شخصية وإنتقامية؟
يجب أن نفهم جميعا, أن التظاهر مسؤولية واعية.. وأن هناك من يحاول التلاعب بنا, فيجيرها لحسابه لأغراض فاسدة, فهل سننجح في جعل تظاهراتنا لمصلحتنا نحن.. ونحن فقط؟
https://telegram.me/buratha