رجل أعمال نرويجي :
لو كان عندنا هذا الرجل ( السيد السيستاني ) لوضعنا له تمثالاً من الذهب !!!
وصلني رابط تحت عنوان :
شقشقة : مقارنة بين مبدأ المسافة الواحدة ومواقف السيد السيستاني مع ما يحدث في العراق وخارجه من مجازر واعتداءات...!
فقرأت ما فيه فلم أستغرب منه لأنه ليس الأول و ليس الأخير ممن ينالون من مواقف المرجعية عموماً و مرجعية الإمام السيستاني خصوصاً . و هذا المقال و كما أعتقد أنه إعلام مدفوع الثمن . كما يصفونه في الإعلانات الدعائية لترويج بضاعة . و الظاهر ان دوافع كاتب المقال هو لترويج بضاعته التي أصابها الكساد و رائحتها التي زكمت الأنوف .
فأقول مما يؤسف له أننا كمسلمين أو عرب( أعني الأعم الأغلب ) لا نعي دور الحكماء و الرجال الذين لا يعيد التأريخ أمثالهم لندرتهم ، و لم يتكرر نموذجهم . و أننا لا نعتبر من ماضي التأريخ الذي وقف وقفة إجلال و إكبار و إنحنى بكل أدب أمام عظمة رجالٍ تَرَكُوا بصمات من نور في علومهم و معالجاتهم لشتى المشاكل الاجتماعية و الدينية و كل ما يتعلق بخلق حياة كريمة للفرد و المجتمع و هم عِتْرَة المصطفى ( ص) . و إستمر هذا العطاء و تسلسل معينه الذي لا ينضب حتى وصل إلينا إمتداده الطبيعي ، وهو الكيان المرجعي لأتباع أهل البيت الأطهار ( ع ) . وكانت العناية و اللطف الإلهي كفيلة بحماية المذهب و رجاله و أتباعه من شرور الظلمة و حكام الجور . لذلك نجد ( و للأسف الشديد ) كلمات الإعجاز و الإطراء من غير المسلمين لرجال صنعوا التأريخ الإسلامي خلافاً لمن يدّعون الإسلام و الذين بذلوا جهدهم لطمس تلك المعالم و البيوت التي أمر الله بها أن ترفع و يذكر فيها إسمه . و لنأخذ نموذجاً على سبيل المثال لا الحصر ما جاد به قلم الأديب المسيحي الأمريكي اللبناني الأصل "جبران خليل جبران" والذي قد رسم الامام علي ( ع) بريشته و كتب تحت الرسم : "السلام على من خلق لغير زمانه ...) !
و هذا النموذج لحالة واحدة من آلاف النماذج التي عبٌر فيها غير المسلمين إعتزازهم و إكبارهم لعمالقة الفكر الإسلامي و البحث في علومهم و الإستفادة منها .و لو أردنا الوقوف عليها لاحتجنا الى عشرات المصنفات فيما كُتب عنهم .و لنواصل المسير فيمن خط نهج الامام علي ع و بقية العترة الطاهرة و من نعرّفهم إنهم الامتداد الطبيعي لتلك الشجرة التي أصلها ثابت و فرعها في السماء وهم مراجعنا العظام الذين تحّملوا أعباء هذه المسؤلية التي أشار اليها أئمة الهدى ع في جملة من أحاديثهم . و لنسلط الضوء على رواية واحدة
أكتفي بها للدلالة على عظم مسؤلية المرجع التي يحلو للبعض أن يستهين بها و يزدريها من الجهال الذين نجدهم في كل عصر و زمان و من حقهم كما قيل :
من باع درّا على فحّام ضيعه .
و هذه الرواية عن الامام الصادق (ع) :
(علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الذي يلي إبليس وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا ، وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته النواصب ، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة ، لأنه يدفع عن أديان محبّينا ، وذلك يدفع عن أبدانهم ) .
و لنأخذ نموذجاً في عصرنا الحاضر الذي قيّض الله فيه للأمة من قيل عنه إنه صمام الأمان ألا وهو الامام السيد علي السيستاني ( مدظله ).
و لا ينكر ذلك إلا سفيه ختم الله على قلبه .
تحدث أحد المؤمنين من ( النروج ) و الذي كان يعمل في أحد المصانع و يضم المصنع ما يقرب من ( 300، ) عامل و كان مدير المعمل معهم و كأنه أحدهم . كان ذلك في بداية سقوط صنم العفالقة المجرم صدام حسين ، حيث أصرّ الامام السيستاني على الانتخابات و الالتزام بتوقيتها.
يقول الرجل : كنّا في فرصة إستراحة و مدير المعمل كان معنا فبادرني بالسؤال :
ما ذا يريد هذا الرجل ؟
فقلت له : مَن ؟
فقال : السيستاني الذي يصٌر على الانتخابات بوقتها مع الظروف التي يمرّ بها العراق ؟
هل رَشّح لرئاسة الجمهورية ؟
قلت : لا . قال : لرئاسة الوزراء ؟
قلت لا : قال لمنصب نائب ؟
و أخذ يتدّرج في سلم المناصب . هنا إخذته الحيرة و قال من هو ؟
و ما ذا يريد إذا ً ؟ فقلت له :
أنتم كمسيحيين لديكم منصب روحي و هو الفاتيكان . قال نعم . قلت :
إننا كمسلمين شيعة لدينا مرجعية كمرجعية الفاتيكان، و هذا الرجل ( السيستاني ) ليس له شإن بما تقول من ترشيح لمنصب ، فهو لا يملك بيتاً في العراق ، بل بيته متواضع جداً مع ما يرده من ملايين الحقوق الشرعية من شتى أصقاع الدنيا .
و لكن إصراره على الإنتخابات هو حرصه ورأفته و خوفه على العراقيين ليختاروا من يمثلونهم بعد سنين الدكتاتورية و الظلم للأنظمة السابقة .
يقول هنا أطرق مدير المعمل و إعتذر قائلاً :
ما كنت أعرف هذا الرجل ،
( و لو كان عندنا لعملنا له تمثالاً من الذهب و نصبناه في إكبر ساحات العاصمة النرويجية ) .
وأتذكر أنني تشرفت بزيارة شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم* قده * بعد رجوعه الى النجف الأشرف ، و إتفق زيارة عشائر الفرات الأوسط مباركين لسماحته على سلامة الوصول فكان من جملة ماجاء في توصياته :
أرجو أن يعلم إخواني وإحبائي أن المراجع * أيدهم الله وحفظهم * يلتقون ويناقشون الوضع العراقي والإسلامي على الدوام ولايذهب بكم التصور أنهم لايعيرون إهتماما ً خصوصا ً وأن الأوضاع في العراق هي بحاجة الى متابعة وبدقة.
وأقول أن ّ الذي يكون بعيدا ً عن المرجعية ربما يخالجه الشك أو يغلب عليه ربما اليقين بعدم متابعة المرجعية للكثير مما يحيط بالا ُمة الإسلامية , وهذا خطأ جسيم لأن المرجعية ممن لايعجبهم الظهور على الفضائيات ولايعجبهم القاء الأضواء على كل قرار أو مشروع لصالح الا ُمة والمجتمع . فليسوا ممن يعشقون الفضائيات ويترنحون أمام الكاميرات طلبا ً للشهرة ! لأنهم أرفع شأنا ً من ذلك.
و أقول: الداء العضال الذي يصاب به البعض عندما يفقد الحسّ و يغيبّ الضمير فلا يبقى مكان و لا رادع لما يسمى بالورع عن التسقيط و كيل الاتهامات لذلك يقول أرسطو :
( من فقد حسّاً فقد علماً ).
وبهذه الحكمة الرائعة يمكننا تحليل المواقف وقراءتها ، وقراءة النتائج المترتبة عليها ، وكذلك الوضع النفسي للأشخاص وما يعيشونه من العقد ، والأزمات ، والأحقاد .من هذه الحكمة ندرك ونستنتج اليقينيات . وكما نعلم أن اليقين هو التصديق الجازم المطابق للواقع الثابت ، كما هو معروف في علم المنطق . ولانريد أن نخوض في هذا الباب الواسع، فربما أن الخوض فيه من المحرمات لدى البعض، ان لم أكن مخطئآ . ولكن نرى أننا ملزمون لإثبات قاعدة علمية لموضوعنا، كي نستخلص منها النتيجة لمرادنا . فلابد أن نقف عند هذه العبارة ولو على عجالة فنقول :: اننا ومن خلال { المحسوسات } وبتعبير آخر { المشاهدات } نولي إهتمامآ لحالتين في تركيبة الإنسان وتصوراته ، إذ أن كل إنسان سوي يتمتع بقدرتين هما : الحسّ الظاهري .
والذي يعرف بالحسّيات كحرارة النار، و إشراق الشمس من خلال ضوئها .
والحسّ الباطني .
والذي يعبر عنه بـــ { الوجدانيات } كالإحساس بالألم ، والعطش ـ إذ ليس لهما وجوداً خارجياً ــ لذلك عّرفا بالحّس الباطني .
فمن عدم أحد هذين الإحساسين فقد عدم العلم وربما الصفة الإنسانية ، وكان بمستوى من لاعقل له وتسّيره غريزته كــ {الحيوان } . بل ربما كان الحيوان أفضل منه . لأن الحيوان ومن خلال غريزته يمكنه أن يقف عند الكثير من الامور، ومن خلال التجربة ينتقل الى مفردة منطقية اخرى تسمى بــ{ التجربيات }. وهنا نريد أن نسلط الضوء على بعض من ينسى ، أو يتناسى ، بل يتغابى عن كشف الحقائق والإذعان لها ، ويحاول أن يكــّذب الآخرين ، وربما يكذب الكذبة ويصدقها . وهذا ما نراه في الكثيرين من حملة الشهادات، وممن يدعون الثقافة ، والوعي . فمن خلال إلقاء نظرة على أحداث الساعة وبالأحرى { الساحة العراقية } وما يحيط بها من غموض في المواقف والتصريحات.
و المصيبة الأعظم تجد الإتهامات و التخرصات وضعة النفس من بعض من يلبسون مسوح الدين ممن تخرّجوا مراجع بقدرة قادر و شهاداتهم من شبكات الإنترنيت !
لذلك تجده و أتباعه يشعرون بالنقص و الضعة بين أفراد المجتمع . لذا تراهم يحاولون إشباع غريزة النقص التي ولدت لهم الكره لكل من هو أرفع شأناً منهم بالإنتقاص و إفتعال أمور ليس لها وجود في الساحة على قاعدة خالف تُعرف !
و هذه أكبر المصائب أن يلي الدين غير أهله .
و كل ظنهم أنهم تصّدروا الساحة و هم أهل الحّل و العقد في المجتمع ،
و لكنهم لم يعلموا أنهم مصداق قول الشاعر :
تصدّر للتدريس كل مهّوس ٍ * بليدٍ تسمى بالفقيه المدّرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا * ببيتٍ قديمٍ شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها * كلاها و حتى سامها كل مفلس
https://telegram.me/buratha