بعد الاتفاق النووي الإيراني مع الدول دائمة العضوية في الأمم المتحدة زائدا ألمانيا، تم ملاحظة ثلاثة أمور من غير بنود الاتفاق .
الاول: الابتسامة العريضة بل الضحكة التاريخية لوزير خارجية إيران، الذي سجل اسمه وابتسامته في صفحات التاريخ في مجال التفاوض والحوار مع دول لها باع طويل في الدبلوماسية والحوار.
الثاني: حالة الغضب والهستيريا التي بدت على وجه بنيامين نيتينياهو رئيس وزراء إسرائيل، وتصريحاته التي عكست غضبة، حيث وصف الاتفاق بأنه خطا تاريخي وانه سوف يفشله في الكونكرس الأمريكي.
الثالث: الصمت العربي المطبق وخاصة من جانب السعودية، فبعض الدول العربية التي كانت تقف على الحياد باركت لإيران، أما السعودية وبعض دول الخليج، بقت صامته هل تبارك لإيران الدولة النووية التي أصبحت بمصاف الدول الطبيعية بعيدا عن الشريرة والمارقة والإرهابية، أم تعترض وهي تعلم إن اعتراضها لايقدم ولا يؤخر، أم تزعل على الولايات المتحدة وتتحالف مع إسرائيل؟!.
وان أهم نقاط الاتفاق إن إيران لاتريد امتلاك الأسلحة النووية ، وصرحت بذلك علنا وهذا مطلب الغرب وأمريكا، واحتفظت بنسبة 20% من أجهزة الطرد المركزي، وحافظت على حياة علمائها ، وهي تمتلك عقول وخبرات وطنية محترمة، والتفتيش وحتى لاتقع بما وقع فيه العراق من خطا بالتفتيش المفاجئ، فإنها اشترطت موافقتها قبل دخول منشاتها العسكرية، وسوف تعود لها أموالها المجمدة، ورفع الحصار الاقتصادي المفروض عليها، وبالرغم من إن إيران وجدت بدائل لصادراتها المتنوعة من زراعية وصناعية وغذائية، لكنها لازالت تعتمد على نسبة 33% من صادراتها على النفط، على عكس الدول العربية وفي مقدمتها العراق الذي يعتمد اعتمادا كليا على النفط أكثر من 95%، بالطبع سوف يقوى نفوذ إيران اقتصاديا وسياسيا، وخاصة مع المعسكر الروسي الصيني.
لكن التساؤل إذا كان انتصارا لإيران لماذا قبلت الولايات المتحدة الأمريكية بذلك، ولماذا يبرر اوباما لإسرائيل وحلفائه العرب السعوديون ، بان الاتفاق هو حفاظا على سلامتهم ، وان إيران مراقبة وتحت النظر، أفضل من تركها تفعل ما تشاء ، وانه سوف يعيد العقوبات إذا تخلت إيران عن التزاماتها.
ربما للإجابة على هذا التساؤل تبرز عدة أمور منها، النهج السلمي لاوباما وابتعاده عن الصدام والتصادم، وجود النفط في الولايات المتحدة الأمريكية والاستغناء عن نفط الخليج، وان حلفائها دائما هم عبء عليها فكثير ما ترسل سفنها وجنودها للدفاع عنهم كما حدث في غزو الكويت، واكتشف الغرب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية إن الفكر المتطرف انطلق من السعودية والتهديد انطلق من السعودية وليس إيران ، وان حلفاء إيران كحزب الله ، وسوريا يمارسون حقهم القانوني في الدفاع عن أوطانهم ، وأول هدف كان له الولايات المتحدة الأمريكية ببرجيها التجاريين، وداعش اليوم وما تفعله من قتل وذبح ومن يقف خلفها.
خلاصة القول إن الرابح الحقيقي إيران والدول التي وقفت معها، وظهر واضحا من ابتسامة محمد جواد ظريف، وخسرت إسرائيل وبات واضحا من غضب نتينياهو، ولا يخفى على الجميع غضب وانزعاج السعودية التي وعدت بان ردها سوف يكون قاسيا على اليمنيين الفقراء، وإرسال المزيد من الانتحاريين لسوريا والعراق، وتكريس الخطاب الطائفي في قنواتها الفضائية، وتخصيص المليارات للجنس وشرب المخدرات لنسيان نكباتهم فهم لايجيدون غير هذه الأمور.
أما آن لكم أيها العرب أن تكونوا أحررا في دنياكم كما تزعمون، إيران صمدت 12 عام من التفاوض الشاق بالصبر وضبط الأعصاب، وقدمت درسا في الصلابة وإدارة التفاوض، ودولة المؤسسات والأبحاث العلمية ، والابتعاد عن الاحتيال والارتباط بمصالح خارجية، والقيادة الموحدة ، وحب الوطن وحفظ استقلاله وسيادته، فعلى ساستنا في العراق الاستفادة من هذه الدروس، وان النصب وسرقة ونهب الأموال العامة، ليس هي مصدر العزة والكرامة، ولا الاستعانة بالأجنبي سوف تعطيك الاستقلالية في اتخاذ القرارات، فينبغي إعادة الحسابات وقبل فوات الأوان فان التاريخ لايرحم.
https://telegram.me/buratha