المقالات

حين يكون النظام فوضى

1268 16:52:04 2015-06-25


==
مدخل      

==============


مثلما يكون اتجاه الامن الاجتماعي حماية المجتمع بكل الوانه , ومثلما هي مهمة الامن الثقافي الحفاظ على الهوية الثقافية العراقية ,  فان الامن السياسي مهمته حفظ السلطة من اي تهديد , وحفظ المواطنين من تهديد السلطة ,ولانعني هنا باصطلاح الامن السياسي , دوائر الامن التي تلاحق التواقين الى الحرية في الدول البوليسية . 
==========
مستويات ترسخ السلطة              

=========
 ان اية سلطة تتوق للنجاح , فلابد من ان تحظى بثلاثة مستويات هي المشروعية والمقبولية والاجماع , وقد تحظى سلطة ما على مستوى او مستويين من الثلاثة , فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم , كان يحظى بالمقبولية منذ شبابه(الصادق الامين), ثم تنازعت القبائل حول الحجر اﻻسود واحتكمت الى دعوته ليحظى على الاجماع , الا ان المشروعية لم تأتيه الا بعد اﻻربعين  عام , فحاز صلى الله عليه وسلم المستويات الثلاثة .
ولكن بالرغم من ذلك فان اية دولة تبقى مهزوزة مالم تكون لها هوية تبين ملامحها السياسية بلا لبس , وتعرف من ملامحها السياسية تحالفاتها , واتجاهاتها الدولية والاقليمية , وبغير ذلك يكون مصيرها في مهب الريح .
وهو امر زاد تكراره في بلدان كثيرة , كان العامل المشترك في حركتها التاريخية ان تحديد الهوية اياً كانت , يصبح عامل قوة في بناء الدولة , فيما يكون فقدان الهوية ملازم لهشاشة البناء , ومن ثم السقوط.

فقطر, نقطة في بحار مساحات الدول, لكنها حسمت هويتها واتجاهاتها وتحالفاتها , فازداد نفوذها , وكذا الامر مع الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تعمقت فيها هويتها السياسية حتى وصلت الى ياقة القميص (كالصين) فكانت هويتها مصدراً لقوتها .
بل ان مثال الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات , ليشير بوضوح الى تأثير عامل الهوية السياسية , فحين اراد عرفات ان يحاكي المتناقضات الدولية من خلال ارضاء الجميع , اصبحت منظمته بلا هوية , فكان ان تخلى الجميع عنه وعن منظمته , وحشر معها في باخرة لتونس على صدى محمود درويش وهو يردد "يااهل لبنان الوداعا ...شكراً لكل مسدس غطى رحيلي ...وكان يبكي او يزغرد مااستطاعا"
ولكن حين حدد الزعيم الاسطوري بوصلته في اوسلو, وبلور هوية سياسية محددة , بنوا له دولة !!!.

=========
عراق بلا هوية 
=========
ولقد عانينا في العراق من ازمة الهوية بعد انهيار النظام الملكي,فالفترة الملكية كانت واضحة الاتجاهات والولاءآت والتحالفات, ولكن بسقوط الملكية تضببت الهوية السياسية للعراق الحديث , فالزعيم عبد الكريم قاسم (وهو من اقرب الحكام الى قلوب شعبه في تاريخ العراق), الا ان العراق لم يبلور في عهده هوية سياسية محددة مما سبَّبَ  التعجيل بالنهاية المأساوية لحكمه ومقتله , برغم التفاف الشعب حوله. 
وبرغم شعارات البعث البراقة والتي تشير الى بناء هوية واضحة المعالم , الا ان التطبيق العملي لحكمهم في مراحله المختلفة في العراق,  اثبت انهم عصابة بلا هوية واذا بشعار القومية العربية يتحول على يد (كبيرهم الذي علمهم السحر ) الى حكم القرية , والعبث بهوية العراق بتأرجح وتناقض غريبين , بين النظام الاشتراكي والاخر الرأسمالي , بالاضافة الى الداء القاتل (داء اللعب على الدول الكبرى).          

==========
ضياع البوصلة
==========
رغم مرور اكثر من عقد على التغيير القسري والعنيف للنظام باسقاط الامريكان لحكم الطاغية صدام , الا اننا لم نفلح للان في تحديد الملامح السياسية للحكم في العراق الجديد .
وزاد نظام المحاصصة على بعثرة امكانات بناء الهوية السياسية للحكم , وزاد الامر قتامة نوعية الطبقة السياسية الهشة التي تصدت لزمام الامور , والتي لم يتحدد لها سوى ملمح واحد هو الاصرار على استشراء الفساد , الذي نرى ملامحه القاتمة في كل مكان ابتداءاً بابتلاع المال العام وانتهاءاً بمواكب اسطورية جعلت رئيس الوزراء السابق يسير بموكب يتجاوز ال100 سيارة !!! , فيما يسير اوباما ب12 سيارة , والرئيس الايراني بثلاث سيارات فقط .

ولأن وضوح الهوية السياسية يعني امكانية توقع موقف الدولة من اي حدث سياسي, فان ضياع الهوية يجعل المواقف السياسية اعتباطية , وهو مانجده في العراق الجديد . فانتجنا سياسة انفعالية ومشخصنة بلا قواعد استراتيجية نابعة من هوية سياسية للحكم , فصرنا نتهم (على سبيل المثال )سوريا ونسعى لنشكوها في المحافل الدولية بتهمة دعم التفجيرات والارهاب , وفي مرحلة لاحقة نقاتل من اجلها !!!!.
ونرى ساستنا في طهران يتحدثون خلف الابواب المغلقة كمعارضين لواشنطن , فيما يتحدثون خلف الابواب المغلقة في واشنطن ضد طهران , وقد جائت بعض وثائق ويكيليكس السعودية لتكشف عمق النفاق السياسي العراقي .
والذي لايعرفه هؤلاء الساسة انهم مفتضحون عند كل الاطراف تلك , ولكن السؤال الجوهري هنا ليس العجب من النفاق السياسي فقط ولكن الاهم من ذلك هو : اين العراق وهويته ومصالحه من كل هذا؟.
ولم يكن النفاق السياسي ليقف في مجال دون غيره , فنحن بلد نضع المراة في البرلمان ونعمل لها وزارة , وهي في نفس الوقت تعامل كالكلاب بالفصل العشائري!!!!.            

=======
خلاصة
=======
لقد حددت دولة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هويتها السياسية بوضوح وثبات من خلال الاية الكريمة (لكم دينكم ولي دين) , اما نحن فقد تخبط سياسيونا (والحق نقول , ان مجموعة لابأس منهم لاتنطبق عليهم سوى عبارة عملاء) فاضاعوا فرصة تاريخية لتحديد الهوية السياسية للعراق مما جعل الوضع العراقي بالغ الهشاشة , فلانحن بنظام راسمالي ولابنظام اشتراكي , ولانحن بدولة اسلامية ولاعلمانية , فصار العراق سفينة تتلاطمها امواج بلا هوية , واصبحت هويتنا الضبابية أُسَّ ضعفنا وتمزقنا , وسهلنا على الجميع اختراقنا حتى العظم .
ونقول هنا ان علينا ان نحدد هويتنا السياسية بوضوح وحينها فقط يحترمنا العالم ويحسب لنا حسابا ..والله الموفق

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك