قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ).
لم تبقى الاّ أيام قلائل، ويحل علينا شهر من أعظم الشهور، مدرسة التربية الروحية، والعطاء الرباني، والفيوضات الالهية.
شهر اجتمع فيه الصوم مع الجهاد، للمجاهدين في الحشد الشعبي، ونادرا ما يحصل هذا للمؤمنين، ليزدادوا بذلك أجرا عظيما.
أو قل شهر جُمع فيه، الجهاد الاصغر مع الجهاد الاكبر، فالصوم من اوضح مصاديق جهاد النفس( الاكبر).
حيث قسمهُ علماء الاخلاق الى ثلاث أنواع: صوم عن الاكل والشرب، وصوم الجوارح عن المعصية، وصوم القلب عن أي ذكر غير ذكر المولى عز وجل.
ثم قالوا، لا يقبل الصوم الاّ من النوع الثاني والثالث، بدليل ذيل الاية( لعلكم تتقون).
على أبناءنا واخوتنا من المجاهدين، في الحشد والجيش والشرطة، ان يستثمروا من هذا الشهر الفضيل، ويستلهموا منه معاني التقوى والصبر.
ان طاعة الخالق سبحانه وتعالى، يجب ان تكون في جميع فرائضه، التي فرضها وامر بها، وإجتناب المعاصي، التي نهى، فعلى المجاهد المؤمن ان يتعلم من شهر رمضان، التسليم والطاعة لله عز وجل، وهو اساس التقوى، التي من اجلها شرّع الصيام.
نعم! سيواجه المجاهدون في شهر رمضان، جوع وعطش لا يطاق، وتعب وحر شديد، نتيجة المعارك مع الارهاب، لكن هذا لا ينبغي، ان يضعّف عزيمتهم، بل عليهم إلاقدام، والتقدم الى الامام، لتحقيق الانتصارات المتزايدة، فالصائم المجاهد، والذي يستشهد وهو صائم، له درجة أكبر وأعلى، وأكثر ثواب عند المولى عز وجل.
لا يفوتنا ان نذكّر اخوتنا المجاهدين، في اول معركة بالاسلام( معركة بدر)، كانت في شهر رمضان، وانتصر فيها المسلمين على المشركين، رغم قلة العدة والعدد، بفضل إيمانهم وصبرهم.
ان اهم درس، يجب ان ياخذه المجاهد من الصوم، هو: الصبر. فالصبر مفتاح الفرج والنصر، ومن لا صبر له، لا إيمان له، فهو النجاح، عند الامتحان والابتلا.
كما يذكر لنا القرآن، قصة طالوت، في قوله تعالى:(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
هذا الابتلاء سيحصل ايضاً مع جيش الامام المهدي( عليه السلام)، عند قدومه من مكة الى العراق.
تعطينا آية طالوت، دلالة مهمة هي: يجب التسليم والانقياد، للقيادة الربانية، المتمثلة اليوم في سماحة السيد السيستاني، فينبغي للمجاهدين، الالتزام بتوجيهات المرجعية، وإطاعة أوامرها، وهذه الطاعة للقيادة، هي من أكبر مصاديق التقوى، التي ارادها البارئ لنا في تشريعه للصوم.
قول قبل الختام: لابد لنا، وللمجاهدين خاصة، ان يتأسوا بالحسين عليه السلام، وان يتذكروا عند عطشهم في شهر رمضان، وأثناء الجهاد، عطش أبا عبد الله الحسين، واهل بيته واصحابه( صلوات الل... اجمعين)، فانهم قضوا قتلى، رغم الظمأ وشدة الحرارة،(لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفرّ فرار العبيد).
https://telegram.me/buratha