المقالات

نكبة اردوغان ..قبة البرلمان ..سيف المعارضة

1312 21:27:07 2015-06-10

لايمكن رسم ملامح المرحلة القادمة في تركيا بعد اعلان النتائج الاولية للانتخابات والتي اشارت الى ان حزب العدالة والتنمية قد خسر الرهان الاول لتعديل الدستور وطرحه على الاستفتاء وخابت أحلام قائدها واظهرت تحولاً كبيراً في الراي العام والخريطة السياسية لقيادة البلاد ومن المبكر جداً الحكم على تبعات تلك النتائج، ولعله سيفتح ابواب عهد من الاضطربات التي ستنعكس على مظاهر الحياة المختلفة والتي تُحمل الرئيس رجب طيب اردوغان مزيداً من الخيبة والخسران وافول اماله في تحديد نظام الحكم وربطه بالرئاسة والذي على الارجح سوف يخسر الغالبية المطلقة التي يملكها في البرلمان التركي والذي يسيطر عليها منذ 13 عاما وقد يجبر على تشكيل حكومة اقلية و على الارجح اجراء انتخابات مبكرة . 
واذا ما تأكدت الارقام بشكل نهائي فأنها ستقوض مشروع اردوغان لتعديل الدستور وتعزيز سلطته الرئاسية والذي يشكل الهاجس الاول لديه. لقد حصل حزب العدالة والتنمية على ما يقارب 41% من الاصوات في الانتخابات اي ان مقاعده لاتزيد عن 258 مقعد من اصل 550 مقعدا برلمانيا والتي كانت 324 مقعداً في الدورة الماضية وبنسبة تقل عن ما كانت عليه في سنة 2011 وهي 8 49ُ % من الاصوات وسيحصل كل من حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقراطي )25% على 133 مقعداً وحزب العمل القومي اليميني على 17% اي 85 مقعداً ،وهما المنافسان الرئيسيان للحزب الحاكم على التوالي وبنسبة مشاركة بلغت 85% من مجموع من لهم الحق في التصويت . 
ان اخطر ما في خطوات الحزب الطبيعة الفكرية التي يتحكم بها اردوغان وحكومته تظهر من خلال اظهارته بأنه ( لايأبه بما سيقوله المجتمع الدولي ) والذي بنى كل سمعة نظامه على محاباة الرأي العام العالمي لاقناعه باعتداله وقدرته على الحوار ورغبة حزبه الذي لايقبل بغير الاستئثار والتفرد والهيمنة والاقصاء سبيلاً للتعامل مع الآخرين . والواقع الأبرز هو ان الحقائق والاحداث التي سبقت عام 2015 واوائل هذا العام تمثلت في هبوط مكانة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على كافة المستويات الداخلية والتي شملت حملته على الصحافة واعتقال عشرات العاملين في الصحافة وقمع التظاهرات والمنتميين لاحزاب المعارضة بالنار والحديد املاً في ان يكمم افواه الجميع. ومن اهم تلك الصحف نجد صحيفة الزمان بكامل العاملين فيها ولم يقتصر عداء الرئيس على الصحافة، انما امتدت يداه الى جهاز القضاء والشرطة واللذان يخضعان الى عملية تطهير واسعة النطاق وخاصة اللذين لعبوا دوراً في كشف فساد اردوغان وأسرته وحاشيته ،ومحاربة جماعة فتح الله غولن ذات النفوذ الكبير في جميع الاوساط الدينية والسياسية والمدعوم من واشنطن . 
يظهر ان اردوغان يعيش في عالم افتراضي يتصور وهماً على انه قادر على فرض ارادته على جميع المستويات بينما يهتز حكمه تحت وطاة المعارضة التركية التي تزداد قوة يوماً بعد يوم وتتضاعف في ظل التخبط الذي عاشه ومارسه هو وحكومته والتي زادت المشاكل وصارت اكثر تعقيداً في ظل الاخطاء القاتلة حتى مع دول الجوار. 
اما خارجياً فتركيا ازدادت عزلة دولية. ونفور المجتمع الدولي المتصاعد من سياساتها زاد الطين بلة بعد انكشاف امره ( يعني اردوغان ) في تحالفه البغيض مع عصابات ( داعش ) والتي تمثل رأس الحربة لاردوغان في تخريب العالم العربي والاسلامي ويبدو ان الطرفين يعملان تحت اطار وتخطيط مشترك .ويتضح ذلك من خلال محاولتهم المستمرة لهدم الدولة السورية وامداد المجموعات المسلحة بالمساعدات اللوجستية والتدريب المنظم في معسكرات خاصة تم تاسيسها بالاتفاق مع الرياض لهذا الغرض. و بالاتفاق مع واشنطن والمخابرات الصهيونية وقطر ،قطر التي ابرمت اتفاقا جديدا وعجيبا دخل مرحلة التطبيق بعد نشره في الجريدة الرسمية التركية ، ويقضي بالاستفادة من الموانئ والمنشاَت العسكرية للطرفين في هذه الفترة التي تشهد فيها المنطقة حرباً في سوريا واليمن والعراق وليبيا والتي سوف تزيد من ازمات المنطقة وتفاقم التوترات وتثير نوعاً من الشكوك والضبابية حول مستقبل الشرق الاوسط . 

ولكن السماح لمرور المقاتلين الاجانب المغرر بهم القادمين من بعض الدول الاوروبية ومن دول العالم المختلفة عبر الاراضي التركية .وتطالب دولهم أنقرة بوقف تدفقهم وغلق ابوابها بوجههم هي الطامة الاخرى. والذين تجاوزت اعدادهم 20 الف مقاتل سوف يسبب قلقاً للدول التي جاؤوا منها والتي تطالب بوقف تدفق هؤلاء لان عودتهم يعني تهديداً امنياً يزيل الاستقرار في تلك البلدان .

ان الطرفان اردوغان وداعش وجهان لعملة واحدة لانه لولا المساعدات التي قدمت لها من قبله لما استطاع احتلال المحافظات العراقية الثلاثة نينوى وصلاح الدين والانبار اخيراً والقسم الاعظم من محافظة ديالى التي تمكنت القوات المشتركة من تحرير اجزاء كبيرة منها اضافة للصراع الدائر في ليبيا على امل ان تصبح هذه المناطق جزاءاً من المجال الحيوي للخلافة الاردوغانية الجديدة و التي يحلم بها ويعتمد عليها فكراً وسياسةً. 

ان الانتصارات الكبيرة التي تحققت في الانتخابات الاخيرة لصالح المعارضة تمثل بداية طريق لمعركة سياسية قاسية وطويلة لاتقل شراسة عن مرحلة الكفاح المسلح التي يخوضها البعض منهم .
اهمية الانتصارات الاخيرة تكمن في خروج قضايا الامة من قبضة اجهزة المخابرات وسوف تفرض نفسها بقوة على اجندة كافة القوى السياسية العاملة في الساحة التركية . وليس للحكومة القادمة سوى ايجاد الحلول العادلة للاوضاع الداخلية وصيانة حرية الصحافة والافراج عن سجناء الرأي ، والاعتراف الدستوري بحقوق الاقليات اثنية كانت او قومية ،والابتعاد عن التعسف والدكتاتورية ، ودولة الحزب الواحد ، 
اما المطلب المهم الاخر هو اعادة النظر في السياسة الخارجية التي اصابها نوع من التشنج وزرع الفتن ونبذ الطائفية المقيتة ومنع الاضرار بالاستقرار الداخلي لبلدان الجوار واعادة النظر في التقييمات الخاصة لهذه السياسة بعد هذه النتائج. 

الاعتماد على ضبط النفس والحوار للخروج من عنق الزجاجة بعد فشل تجربة كبح المعارضين واتهامهم بنشر الفوضى. لاشك ان نتائج الانتخابات لم تأت بمفاجئة، انما هو ثمن باهض لطريق طويل وشاق وصراع سياسي صعب ومعقد في ظروف استثنائية انتهت بمواجهة سياسات الحكومة التي اعتمدت العصى الغليظة ضد حرية منافسيها فانتصرت المعارضة هذا الانتصار العظيم ..
اذاً قبة البرلمان الميزان الاساسي في تشكيل حكومة الاغلبية وسيف المعارضة القادم هو الفيصل. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك