من الثوابت الأساسية لدى امريكا في سياستها الخارجية، هو مبدأ: جلب المصالح لها، ودفع المفاسد عنها.
ولا يهم من أي حزب يكون الرئيس عندها.
قد يشكل بعض ويقول: وما الضير في هذا المبدأ السياسي؟ أذا كان يخدم الشعب والبلد، بل إن حتى الاسلام وأحكامه التشريعية، قائمة على هذا الاساس، بل هي سياسة العقلاء والحكماء..!
نقول: نعم! ولكن ليس على حساب أذى وظلم الآخرين، أو إراقة دمائهم، وهذا ما لم يفعله الأسلام في حكومتي النبي والإمام علي( عليهما وعلى آلهما الصلاة والسلام)، وأمريكا في هذا، شبيهة بالمبدأ الميكافيلي، القآئم على شعار( الغاية تبرر الوسيلة)، الذي يرى في الوصول الى مصلحته بأي وسيلة كانت، حتى لو قتل الناس فيها جميعا..! فأمريكا ليس لها حليف ثابت، أو صديق دائم، وإنما تدور في مدار جلب المنفعة، ودرء الخطر، فتكون من مصاديق قول الإمام علي (عليه السلام):(لا تصحبنّ الفاجر فأنه يبيعك بالتافهة)،وهي ـ امريكا ـ في سياستها، ديمقراطية بالداخل، ميكافيلية بالخارج.
إنطلاقا من هذا المبدأ السياسي الامريكي، تعددت وتنوعت سياساتها، فتارة استخدمت سياسة الكيل بمكيالين، وأخرى المد والجزر، أو مسك العصا من المنتصف، أو سياسة الأحتواء، ويرى بعض المراقبين، إن هذه السياسات، تعبر عن أزدواجية أمريكا في المعايير، حتى عبّر عنها المرحوم الشيخ المرجع، محمد حسين كاشف الغطاء( قدس سره)، بكلمة هي:(قتل أمرءُ في غابة جريمة لا تغتفر، وقتل شعب بكامله مسألة فيها نظر)، لكني أرى من أنها تدور في فلك المنفعة والمفسدة، كما أشرت سابقا، وإلاّ سياستها مع دول الخايج، وأسرائيل ثابته، لأن منفعتها باقية.
بعد أحداث 11 سبتمر الدامية في أمريكا، تغيرت السياسة الامريكية، فقد صرح بوش الأبن: ( إن الارهاب أصبح خطر على أمريكا، وعلينا نقل المعركه معه الى الخارج)، وبما أن الارهاب حركات تدعي السلام، أذن يجب جرهم وجذبهم الى بلدانهم الأسلامية، ومحاربتهم هناك، لكنهم يحتاجون لأماكن وارضية مهيئة، يستطيعون أستقطاب الارهاب أليها، فأي البلدان مهيئة لذلك..؟
في البدء عليهم التخلص من الأنظمة الدكتاتورية، التي دعموها عقود من الزمن، لأن طبيعة هذه الأنظمة، شديدة البطش، وفي ظلها لا تجد الحركات المتطرفة مكان لها، فأختاروا أول بلد العراق، وجاء القرار الامريكي بغزوه، والإطاحة بنظامه، في حين أبقوا عليه، عندما أنتفضت الشيعة ضده وكادت أن تطيح به، بعد تحرير الكويت، بوش الأب يبقي على صدام، وبوش الإبن يسقطه، إنّه المبدأ السياسي الأمريكي الذي ذكرته لك..!
العراق بلد نفطي، يسيل له اللعاب، ويحتوي على عدة مكونات،الشيعة هم الغالبية فيه، وهي على تضاد كبير بالفكر والعقيدة، مع الفكر الأرهابي، وإذا أصبح العراق ديمقراطي، حتما الشيعة تحكم، وهذا يستفز السنة في الداخل وفي المنطقة، فألطعم الذي حضّرته امريكا، للجماعات الارهابية في العراق، شهيُّ وقوي، وبذلك تكون أمريكا ضربت عصفورين بحجر، تنهك الشيعة في حرب مع الارهاب، وتتخلص من خطره، وهكذا في بلدان الربيع العربي، لكن الطُعم فيها أقل من العراق.
لذلك نشاهد، إن أمريكا غير جادة في القضاء على الأرهاب، ومن مصلحتها إبقاءهُ في العراق والمنطقة، ودفع خطرهُ عن بلادها، لكن مواقف السيد السيستاني، قلبت الموازين ضدهم،(يمكرون ويمكر الل والل... خير الماكرين).
https://telegram.me/buratha