(أنا ولي الدم)، بهذه العبارة المشهورة أنهى المالكي فترة حكمه الثانية، والغريب أنه وبعد ثماني سنوات من الهرج والمرج الأمني، تذكر.. أنه ولي الدم.
حادثة الشهيد محمد بعيوي الأستاذ الجامعي والأكاديمي المغدور، ورغم أنها مست الوجدان الشعبي، إلا أنها تعتبر حادثة جنائية مثلها مثل كل الحوادث التي تشغل محاكمنا، ولو جردناها من صبغتها السياسية (الإنتخابية) لوجدناها.. صورة مستنسخة عن جرائم قتل شخصية، تحدث في كل العالم، مع أختلاف المسوغ والدافع.
لذلك.. نستغرب ربط دولته بدم الشهيد بعيوي، وهو الذي تنصل عن كل تلك الدماء التي زفتها ولايته العقيمة.
حال المالكي لم يخالف سابقيه، وإلى الآن لم يختلف عنه لاحقيه، فلا زلنا نشاهد حلقات مسلسل (أقتلونا وننتظر المزيد!).
منذ تأسيس الدولة العراقية والعراق يتسلح، وحكامه مصابون بداء العسكرة، والآن وبعد مرور ما يقارب مائة عام، نشهد واقعاً أمنياً مزرياً، يبعثر أجسادنا هنا وهناك، ولون الدم يطغي على شوارع إنسانيتنا.
بالحديث عن أمن العراق المفترض، نستذكر دولاً شهقت معالمها مع تشديد الإشارة، إلى أنها لم تعطي للعسكرة ما أعطاه العراق، لكنها تتمتع بأمن وأمان بتنا نحسدهم عليه، وهنا نجد أن مفعول عسكرة الحياة المدنية، لم تجلب أمناً وأضاعت أمماً.
منذ عشرينيات القرن المنصرم، والأسماء العسكرية تجول في أروقة الحكم، وهنا لا نجزم بأن الجميع تدرج في الكلية العسكرية، إلا أننا نجزم بأن من يفكر بالعسكرة، هو عسكري بالمنهج لا يختلف شيئاً عن نائب ضابط قديم، أشبع السرية جوراً وفتنه.
إذن أين هو الأمن الذي من المفترض أن نجنيه بعد عسكرة الدولة العراقية؟!
لم يفقه رؤساء العراق موضوعاً مهماً، يأتي إجابة لسؤال عرضي، من أين تؤكل الكتف؟ لذلك مشوا بعيداً عن ما يحقق الأمن لبلادهم، والذي من شأنه أن يثمر في القوة العسكرية العراقية.
هل يوجد الآن من (يتحرش) باليابان؟
الكوكب الياباني الشقيق، تعرض ومنذ فترة ليست بعيدة، للقنبلة الذرية (التي ربما نشاهدها قريباً) كمكرمة داعشية مستحدثة، وأبيد عسكرياً ومعنوياً، ثم تلا ذلك شروط تعجيزية على إنتاج الأسلحة أو أستيرادها، لكن في النهاية لا يوجد من (يتحرش) باليابان.
السبب بسيط جداً، هو تعامل الكوكب الصديق مع المشكلة بواقعية، بناء الإنسان والمجتمع الذي ينتج أمناً ومستقبلاً ودولة.
عسكرنا المجتمع بينما أغفلنا تعليمه، والإهتمام بصحته وبناه التحتية، لذلك كانت النتيجة مؤسفة، وهي البحث عن قائد عسكري فلا نجد!
هذا ما اتفق عليه الرؤساء، الانتقال بالمجتمع المدني إلى الحظيرة العسكرية، وكلنا نتمتع الآن بدراية أمنية، فيما يفتقدها شخص الرئيس.
أتفقوا على تشتيت الجهود فضاعت نتائجها، وعلى الأختيار الخاطئ للقادة العسكريين فخابت توقعاتهم، والعراق بين فكي الثعلب الطامع، لا يملك شيئاً إلا منازعة الموت البطيء.
https://telegram.me/buratha