تتراً تعاقبت الحكومات، على بلد مركوم بالتناقضات، وتباعاً تلون شعب بجم كثير من المسميات، حتى إستحال فيه التسلط حاكماً، والوطنية عبودية، واللصوصية شأناً عظيماً. أفق مشحون بالكراهية وبغض الآخر، أجواء ملوثة بأحاديث فئوية، طائفية، أنوية ضيقة، أحداق لا تكاد تبصر أبعد من أرينبات أنوفها.
واقع سياسي موبوء بكل هذا، لا يمكن- مطلقاً- أن يبني وطناً، ولا يتأتى له- أبداً- أن يمنح أمناً، وليس له حظاً من الشأن أن يصنع إنساناً.
العراق ..هو من أعني، وشعبه من أريد بمقالتي، فلم نر فيه حكومة تعرف معنىً للوطن أو الوطنية، ولم نجد شعباً سعى يوما لبناء دولة.
شعب لطالما إمتهن التصفيق، وإعتنق ديانة تمجيد الحاكمين، وإن بغوا، أو ظلموا وتجبروا، حتى وإن تألهوا، فحرارة التصفيق للقائد الضرورة، بعد لم تبرد، كما دماء ضحاياه التي لم تجف.
لا أريد أن أتجنى أو أن أكون ظالماً لأحد، ولا أن أكون كمن يطلق الحكم عفواً، ولا ممن يرمون الناس بالتهم جزافاً، إنما أردت أن أضع إصبعي على جرح؛ طالما تحاشاه كثير من السياسيين، وجمهور الكتاب والمحللين، إلا وهو الدور السلبي للشعب في خلق دوامة الزعامات الزائفة.
شعب- بغالبيته- لا يرى إلا ماتراه وسائل الإعلام، ولا يعتقد إلا ما يعتقده الحاكمون، يرى في عدوه ما لا يراه في نفسه متناسياً صرخة الإمام علي بن أبي طالب-عليه السلام- فيهم( إنما القوم رجال أمثالكم). تسري الإشاعة فيهم كالنار في الهشيم، فهم إنما يرون الحقائق بآذانهم، برغم العيون التي وهبها لهم خالقهم، وما هم إلا أمة إنقسمت فرقاً، وكل فرقة منهم تظن بأنها أمة.
شعب ظالم لنفسه- إلا من رحم ربي- جاحد لتضحيات قادته، مضياع لكثير من فرص النجاة التي توفرت له، يلوذ في حمى رهط ضال لا يؤمن بالنتائج، ولا يفكر بالعواقب، ويذر وراءه تأريخاً مجيداً حافلاً بالتضحيات، وحاضراً مشرقاً ملؤه الأمل. ثمة تيار وطني، يحمل من الصفات ما من شانها أن تجعل منه الفرصة السانحة، والعلامة اللائحة، لبناء دولة وفق معايير المساواة، والعدل، والحداثة، والشمولية، تيار يمتلك الوسيلة الصالحة للتواصل، والإسلوب الأمثل لٌلإفهام المعتدل، كما يتوفر على فلسفة فريدة في التعاطي مع الآخر، فلسفة تنطلق من قوة اٌلإقتدار، وملكة العفو.
تيار له صفة الإمتياز عن غيره من التيارات السياسية الأخرى؛ كونه يمتلك مساراً مستقيماً، ومبادئً ثابتة، لم يطرأ عليها حدث ولا تغيير، ولم يتلون يتلون الأحداث. لقد أثبت تيار شهيد المحراب، قدرته على بناء دولة، عصرية، عادلة، وأنه قادر فعلاً على إدارة الأزمات، بشكل موضوعي، والوصول إلى نتائج مرضية بأنجع المعالجات والحلول. إن الذي يزهد بتيار يقود دولة بوزارات ثلاث، ويحقق نجاحات ملموسة على الصعيدين السياسي والحكومي؛ لا يمكن أن يكون مالكاً لإدنى درجات التمييز والإدراك.
https://telegram.me/buratha