يعتقد كثيراً من العرب, و العراقيين خاصةٍ, أن ثقافة الأستقالة من المنصب صناعة غربية, لأنهم يرون كل يوم بأن المسؤولين الغربين والساسة, لايخجلون من الأستقالة من مناصبهم, دون حرج أو خوف, وهو معمولٍ به ومتعارفٍ علية في كثيرٍ من البلدان المتقدمة في الوقت الحاضر.
ولكن الحقيقية التي يجهلها الكثير من العرب والمسلمين, هي أن ثقافة الأستقالة موجودة في تاريخنا الأسلامي, ففي زمن الرسول الاعظم صلوات الله علية وعلى اله, عن عدي بن عميرة الكندي قال سمعت رسولنا الكريم قال,( من أستعملناهُ منكم على عملٍ فكتمنا مخيطاً فما فوقة كان غلولاً يوم القيامةِ).
ترتبط الأستقالة بأسباب مختلفةِ, فبعض المسؤولين, يقدمون أستقالتهم لفشلهم في أداء مهامهم على الوجةِ المطلوب, أويشعرون بعظم المسؤولية, أو أخفاق بتحقيق ماأنيطية به من مهام, أو أنجاز ألأهداف المرسومة, التي يريد تحقيقها,أو مورست علية الضغوط لمخالفة القوانيين والأنظمة المعمول بها, أوشعر بعدم الراحة في أجواء العمل, أوتدنت شعبيةُ, نتيجة الفشل في العمل, ومن أروع الأمثلة طلب الأستقالة صيانة للدين أوخوفاً من عدم أداء المسؤوليةِ.
هناك الكثير من السياسين, والزعماء الذين غادرو كرسي الرئاسة, وهم في أوج الشهرة والتأيد الشعبي, الرئيس الأمريكي جورج واشنطن, قدم أستقالةُ بعد حصوله على أعلى نسبة في الأنتخابات الرئاسية, وأختار العودة الى حياتة الطبيعية. أذا وصل الأنسان الى منصب, أو مرتبة عليا, يتغير نمط حياتة ويتخذ أصدقاء جدد, ويألف بيئة جديدةٍ, فينسى كثيرا مما كان يعرفهم من أصدقائه وأهلةُ ومحبيه, والذين لهم فضل ٌ علية, وقد يتسرب الغرور الى نفسه, والأعجاب, فيزيد المنصب تعاسة الى حياتة من حيث لايعلم, أما أصحاب الخلق والدين, لاتزيدهم أهبة المنصب الا تواضعاً وبساطةً ومحبةً ورفعتاً بين الناس.
الغريب بأننا في بلدنا الحبيب العراق, لانجد في قواميس مسؤلينا ونوابنا وقيادتنا الأمنية, ثقافة الأستقالة ولو من باب حفظ ماء الوجة, ولايتركون منا صبهم تحت اي ظرف أو اي كارثة تحل في البلد حتى وأن كانوا هم المقصرين او من هم تحت مسؤوليتهم , الا أذا أقيلوا بالقوة, أو فارقوا الحياة بقدرة قادر, ومع كل هذه الظروف وحتى بعد الممات لازالوا يعتبرون أنفسهم أصحاب حقٍ ومظلومين, لأن المناصب عندنا بلوراثة المندلية.
شاهدنا بأم أعيننا الفشل الذريع في كل مفاصل الدولة, للحكومات السابقة, على مدى عقدٍ من الزمن, وعشنا ربيع الدم العراقي, الذي يسيل في كل يوم, أضافةً الى صفقاتِ الفسادِ, التي أزكمت أنوفنا في كل مكاتب المسؤولين, ولكننا لم نرى أونشاهد, مسؤولأً يستقيل أوشجاعاً يتحمل المسؤولية, على أقل تقدير, وأصروا على أهانة الشعب العراقي, والسخرية منه, وعشنا فصولاً من الضحك على ذقوننا, حتى جاء موعد التغير بالقوةِ عندما قالت المرجعيةُ كلمتها, أنها ثقافة الطرد التي نحتاجها للخلاص من الفاشلين, والمفسدين, !.....
https://telegram.me/buratha