كم تأملنا خيرا بعد التغيير الذي حصل بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء د. حيدر العبادي، وَمِمَّا لاينكر حصلت تغييرات مهمة انعكست ايجابا على الشارع العراقي وعلى العلاقة بين الطبقة السياسية...نجاحات لا تنكر مع وجود بعض السلبيات، ولا اعتقد ان احدا يطالب بحكومة خالية من السلبيات، لان هذا لا يكون الا في حكومة مثالية وهذه غير موجودة الا في دولة أفلاطون ونظريته عن الدولة المثالية...
مايهم الشارع العراقي والمتابع لسير عمل الحكومة هو تجاوز السلبيات والأخطاء الكارثية التي أدت بِنَا الى مانحن فيه من اشكاليات وتوترات مجتمعية، وخصوصا انه قد حصل الاتفاق على ذلك ضمن وثيقة الاتفاق السياسي بين الكتل السياسية وعلى هذا الأساس تشكلت حكومة الشراكة الوطنية الحاكمة الان...ولكن الغريب ان يتم تكرار واحدة من اكثر القضايا التي أدت الى انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين واستحواذ على السلطة والقرار بغير وجهه حق! ألا وهي التعيين بالوكالة! والعجيب انه لا يوجد من مبرر منطقي يدعو الى اللجوء للتعيين بالوكالة!
ولو افترضنا انه هناك حاجة لذلك لحين حصول التوافقات السياسية المطلوبة ومنها لجنة التوازن بين الكتل السياسية كما هو التبرير المطروح الان فلماذا يكون كل من يعينون بالوكالة ينتمون الى جهة واحدة؟ أوليس من الممكن اختيار شخصيات كفوءة وذات خبرة من كل الأطراف والكتل؟ المؤلم اكثر ان من عينوا اخيراً لتبوء رئاسة هيئتين بالغة الأهمية وهما هيئة الحج والعمرة والنزاهة ليسوا ممن يشهد لهم بالسابقة النوعية في العمل الاداري او السياسي، وخصوصا رئيس هيئة الحج والعمرة الجديد وهو ممن عليه الف أشكال واشكال وأوضحها استغلال المال العام لإجراء عملية جراحية خاصة! وأما على المستوى السياسي فلم يحصل على بضعة أصوات رغم البذخ والدعم المفرط الذي لقيه في الانتخابات! وذلك لعدم وجود اي مقبولية له عند الشارع! يضاف الى ذلك وجود رئيس الهيئة السابق بالأصالة والذي يشهد له بحسن الادارة والنزاهة رغم كل التهم الكيدية ومحاولات التسقيط السياسي له! يضاف الى ذلك منصب أمين بغداد، والذي تم التعيين فيه بالوكالة وبنفس الطريقة الارتجالية والاستحواذية السابقة ايام حكم المالكي والتي اثبتت فشلها! ومن الجدير ذكره ان رئيس الوزراء الحالي لا يملك حتى تخويلا من مجلس الوزراء للتعيين بالوكالة كما كان الحال ايام المالكي! بل تم تجاوز مجلس الوزراء كليا وصدر الامر الديواني بشكل منفرد تماما!
مايستوقف المتابع كذلك هو مانقل مؤخرا عن المالكي قوله في اجتماع جمعه مع عدد من كوادر الدعوة المتقدمة والعاملين في مؤسسات الدولة، حيث يقول "لقد توهم البعض بأن فتوى لمرجع هنا أو رأي لمرجع هناك قادر على إبعادنا عن مسؤولياتنا التاريخية في قيادة العراق، الا أني أحب اطمئن العدو قبل الصديق اننا باقون حتى إنجاز مهمتنا التي كلفنا بها شعب العراق." أوليس هذا تحدد سافر لاراء وفتاوى المراجع العظام؟ ومن منحه واتباعه هذه المسؤولية التاريخية في قيادة العراق؟ وكيف تريد ان تبقى انت وأصحابك في القيادة؟ أوليس انت من اعترف بفشله قبل بضعة ايام في العمل السياسي وفي قيادة البلاد؟
ويستمر المالكي ليقول "ان تعيين الأخ حسن نعمة رئيسا لهيئة النزاهة والشيخ خالد العطية رئيسا لهيئة الحج والعمرة يؤكد ان دولة القانون لن تنسى ابنائها البررة ممن خدم شعبه وحزبه"!!! إذن القضية هي حزبية واضحة، بعيدة عن معايير الكفاءة والنزاهة! أما وأنهم قد خدموا حزبهم فهذا متفق عليه، وأما انهم خدموا شعبهم فهذا فيه نظر، والدليل هو عزوف الناس عن انتخابهم كما الحال مع خالد العطيه!
ان العودة الى الوراء والتمادي في هذا المسار الخطر سوف يكون له تداعيات كبيرة على مجمل العملية السياسية لا تحمد عقباها...
ان سير رئيس وزرائنا الجديد على نهج من سبقه في التعيين بالوكالة يثير الخوف من انه ذاته رئيس وزراء بالوكالة!
https://telegram.me/buratha