لم يأت نجاح قوات الأمن العراقية في تحرير مدينة تكريت مصادفة، فبعد سقوط المحافظة لأكثر من عشرة شهور من قبل داعش، تمكن رجال القوات الأمنية من تحرير المدينة وهم الآن على اعتاب تحرير باقي المناطق المغتصبة من داعش. ربما أعتقد البعض أن الإرهابيين باتوا أحراراً بعد أحداث نكسة ومصيبة حزيران الماضي ويمرحون في أرض هذا الوطن وخاصة الوسطى والشمالية ، يقتلون المواطنين هنا وهناك، ويحرقون المنشآت الحيوية للدولة في أي وقت يشاءون ويسلبون ثرواته، غير أن سرعة وقوة أجهزة الأمن في معارك تكريت يؤكد للجميع أن عيون الأمن لا تنام وستظل ساهرة من أجل حماية هذا الوطن الذي لن يستسلم أبدا للإرهاب خاصة بعد تهيئة الأجواء وفي مقدمتها التغيير السياسي.
واليوم فان مشكلة العراق الحقيقية أن الإرهاب ليس معضلة محلية فقط، ولكن البلاد مجاور لدولة سوريا التي أصبحت موطن لهذه الظاهرة العابرة للأوطان، وقد انتشر في ربوع العراق وأصبح عنواناً رئيسياً لوسائل الإعلام بصورة شبه يومية منذ سقوط نظام صدام، بما يعرض سلامة العراق بلداً وشعباً للخطر، فالأمن اليوم يواجه عدواً متخفياً، مما يضعه في مواجهة الأصعب. ورغم هذا.. لم تيأس القوات العسكرية والأجهزة الأمنية ومعها الحشيد والدعم العشائري من مواجهة أعداء الوطن وضبطهم وأن كان ذلك مكلفاً مالياً وبشرياً، والتعامل معهم بحرفية ومهنية عالية بما يستهدف القضاء على الإرهاب والإرهابيين ومن يدعمهم سواء من الداخل أو من الخارج وهذا ما تعهد به رئيس الحكومة حيدر العبادي وكابينته الوزارية، والتأكيد على أن من يمد يد العون للإرهاب أن يدفع ثمن جرمه.
إن العراق الذي كان يوماً يواجه الإرهاب لوحدة ويحذر العالم منه ؛ صحة توقعاته فقد أصبح العالم بأسره ساحة مفتوحة لأعمال العنف، التي تستبيح دماء المدنيين والعسكريين، ولا تفرق بين شخص وآخر، ولكن من المؤكد أن للإرهاب نهاية وأن كانت مكلفة جداً، وسيكون القصاص من مرتكبي تلك الأحداث البشعة هو مصيرهم المحتوم. ولا مناص من مواجهة الإرهاب بالقوة حتى يرتدع كل الذين يخالفون تعليمات الدين الحنيف وهو منهم برىء. وقد أصبحت الحرب على الإرهاب مصيرية، لا بديل فيها سوى الانتصار عليه. فالإرهابيون يقتلون الآخرين تنفيذاً لأوامر عليا تصدر إليهم من جهات لا يعرفونها ولم يروها قط، وهنا مكمن الخطر، الأمر الذي قد يصعب تتبعه أمنياً ويؤجل ضبطهم بعض الوقت لنيل جزائهم وكما يقول الله عزوجل ((وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلاً)).
يتأثر الجميع بتداعيات الإرهاب المؤلمة على الشعب و الوطن، فنتائجه تطال الإنسان الذي حرم الله قتله. وقد دفعنا نحن في العراق ومازلنا ندفع ثمن هذا الإرهاب العشوائى الأعمى ، وأنه لا يمكن تبرير الإرهاب ضد الأبرياء تحت أى ظرف، ونحن ندفع أثمانا باهظة من دماء مواطنينا واستقرارنا واقتصادنا ، ولكن ستظل الدولة العراقية تواجه بكل أجهزتها هذه الآفة لحين استئصالها.
https://telegram.me/buratha