بعد أن تحدثنا في الجزء الأول عن منهجية آل سعود، فكرا وسلوكا، والتي تكونت دولتهم عليها.
نطرح سؤال: هل كانوا آل سعود فعلا مؤمنين بدين الشيخ( محمد بن عبد الوهاب)؟ أم أستخدموه أداة لتحقيق غاياتهم، من المال، والجاه، والسلطة.
قبل الأجابة عليه، ننتقل الى سؤال آخر: لماذا توقفت حركتهم على نجد والحجاز، بينما فكرهم وخصوصا أذا تعسكر، هو عابر للقارات!
نبدأ بالسؤال الاخير، يقول المختصون بعلم( الانثروبولوجيا): علم دراسة الانسان، طبيعيا، وحضاريا، وأجتماعيا، تبنى وتتحرك قواعده المعرفية ويقوم على العلوم الاجتماعية والبيولوجية.
يقولون أن الطبيعة تؤثر على سلوك وفكر الانسان،سلبا أو أيجابا، فمثلا: الأنسان الذي يعيش في البادية والقرى، يختلف عن الذي يعيش في المدن، بل حتى الاشكال الفنية تؤثر عليه، فالماء والخضرة تبعث الرأفة والرقة، والصحراء تبعث الغلظة والقسوة. على ضوء هذا المنطق يأتي الجواب، ونقربه بمثال توضيحي: منطقة نجد تسكنها قبائل بدوية، تجوب الصحراء، ومعتادة على الصراع فيما بينها، ومتطبعة على الغزو والقتال، ومن ثم النهب، والسلب، والقتل، فتجد عندهم القسوة والغلظة؛ فعندما يأتيهم شخص مثل( ابن عبد الوهاب)، بأفكار تنسجم مع طبيعتهم، يجدون ضآلتهم عنده وهو كذلك( يعني تبادل مصالح)،وخصوصا أذا أضفى أليها طابع ديني، يزدادون شوقا ولهفى لها! من هنا صارت نجد منطلقا، للحركة الوهابية السعودية.
وأما لماذا لم تتعدى للدول المجاورة فهي لعدة عوامل منها:
1- ان دولتهم فتية،
2- خوفا من التدخلات الخارجية، وقد شهدها بعينه عبد العزيز، عندما أراد أبن الرشيد، الذي كلن واليا على الحجاز، وأراد ضم الكويت الى أمارته، كيف المدفعية الأنجليزية دكت قواته ورد خاسرا أبن الرشيد.
نرجع الى السؤال الذي طرحناه، فيجيبنا عليه الكولونيل ديكسون، في كتابه( الكويت وجارتها،ج1ص93)، الذي نقل عنه( د. فؤاد ابراهيم)، في كتابه( العقيدة و السياسة الوهابية)،قال(د يكسون):( أن أحدا من الذي عرفوا ابن سعود،معرفة جيدة لا يستطيع ان يتهمه هو شخصيا بالتعصب الوهابي، أو بالهيجان والأندفاع الديني الأعمى الذي كان يحقن به أتباعه من الأخوان. فقد كان في المناسبات، وحسب ما يلائم أغراضه، يتظاهر أمام أتباعه بأن له نفس نظرتهم وأفكارهم، لا سيمّا عندما يحتك بالجنود عشية غزوة من الغزوات...)!
كما نقل( د) عن جهيمان العتيبي عندما كتب في رسالته( دعوة الأخوان كيف بدأت وألى أين تسير)، فقال عن آل سعود ما نصّه( فهؤلاء الحكام ليسوا أئمة لأن إمامتهم للمسلمين باطلة ومنكر يجب أنكاره، لأنهم لايقيمون الدين ولم يجتمع عليهم المسلمون، وإنما أصحاب ملك سخروا المسلمين لصالحهم، بل جعلوا الدين وسيلة لتحقيق مصالحهم الدنيوية فعطلوا الجهاد، ووالوا النصارى( أمريكا) وجلبوا على المسلمين كل شر وفساد)!
(سنكمل في الجزء الثالث بمشيئته تعالى).
https://telegram.me/buratha