المقالات

بين المخاوف والمطامع: حرب اليمن وبوادر الإنهيار السعودي

1706 17:29:41 2015-04-07

جاءت الحرب التي شنتها الدول العربية بزعامة السعودية لتلقي بظلال وضع جديد, سوف يسود المنطقة للفترة القادمة, وشكل أيضا مادة دسمة لقراءات وتكهنات الكثير من المحللين السياسيين, وذلك نتيجة تعقد الوضع في المنطقة, وتواتر الأحداث فيها, وتخبط بعض الأطراف المعنية في قراراتها ورؤاها وقرائاتها للأحداث.

السعودية في هذا الوقت تمر بمرحلة عصيبة جدا, فهي تشعر من ناحية بأن نفوذها وهيبتها في المنطقة بدأت تتضائل, بعد الأحداث والنزاعات التي فشلت في ادارتها, واحساسها بأنها قد خذلت السنة في المنطقة, في العراق ولبنان وسوريا, وهذا يشكل مؤشرا واضحا عن تراجع السياسة الخارجية السعودية، فالسعودية تحاول من خلال هذه العملية إظهار نفسها, بأنها مازالت ذات قدرات لا يستهان بها, وإنها زعيمة العالم السني والمدافع عنه!
تطور الأحداث فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني, وحصول الإتفاق بين ايران وبين الدول الكبرى, وتصريح اوباما بإمكان تجاوز الخلافات بين امريكا وايران بعد توقيع الإتفاق, مما جعل السعودية محصورة بزاوية الفشل, في حفاظها على موقيعتها في المنطقة, إضافة الى احساس السعودية, بأن سيطرة الحوثيين على اليمن انما هو تهديد ايراني, على حدودها الجنوبية الشرقية, كل ذلك خلق لها هاجس من المبررات, لقيامها بشن هذه الحرب العدوانية على الشعب اليمني .

القوى الإرهابية المتطرفة في المنطقة- ومنها أنصار الشريعة- القوة الضاربة في ارض الحجاز, والتابعة للقاعدة وغيرها, ستنظر للسعودية في حربها هذه وكأنها حليف لهم, لذا ستأمن السعودية من شرهم, وتستدر عواطفهم وتغازلهم, وبالأخص الخلايا التكفيرية النائمة الموجودة على أرضها؛ كما انها ستوفر فرصة ذهبية لتنظيم القاعدة الموجود في اليمن من أجل استعادة عافيته بعد انشغال الحوثيين بحربهم ضدها!

التحليل الثاني لحرب اليمن, يتناول القضية في بعدها الدولي, خاصة وأن السعودية بدأت تشكل في هذه الفترة عبأً كبيرا, على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية, وبالأخص بعد التخبطات التي حصلت في العلاقة بين البلدين, والإنتقادات الكثيرة التي وجهت للولايات المتحدة لوقوفها مع نظام القبيلة الفاسد, منبع الإرهاب والفكر التكفيري, لذا كان الضوء الأخضر الأمريكي, إنما هو عملية توريط للسعودية في هذا الملف, لمحاولة اضعافها واستنزافها, خاصة إذا علمنا بان الولايات المتحدة لم تقدم دعما ماديا أو لوجستيا, إنما اقتصر دعمها على الموافقة المبدأية, وعلى الدعم الإستخباري, ما يعني بأن السعودية ستكون وحيدة في معركة استنزاف اقتصادي وسياسي.

الجانب الأمريكي يعي جيدا بأن هذه الحرب مقتصرة فقط على الضربات الجوية, وأن هذه الضربات الجوية سوف لن تؤثر كثيرا بالحوثيين, وذلك لأن فلسفة الضربات الجوية, إنما تقوم اساسا على مبدأ تخريب المواقع الإستراتيجية والحيوية وتخريب البنى التحتية, وهي مفاهيم تتعلق بدول تقوم عليها حكومات ومؤسسات مترابطة فيما بينها, إذا خرب جزء منها تأثرت الأجزاء الأخرى, وهذا ما لم يتوفر في حرب اليمن حيث أن جُل الحرب هي موجهة ضد الحوثيين, وهم لا يملكون مؤسسات ولا مواقع استراتيجية, ولا بنى تحتية! إضافة الى أن التضاريس الجغرافية في اليمن هي تضاريس معقدة, لا تنفع معها الضربات الجوية.

السؤال الذي يطرح نفسه: هل ان حرب الضربات الجوية, سينفع دون تدخل بري حاسم؟ أثبتت الكثير من الحروب المعاصرة, أن الإكتفاء بالضربات الجوية في حرب موجهة لبلد كاليمن, لا تنفع إذا لم تكن مصحوبة بتدخل بري, ومن غير المتوقع أن تنجح السعودية في حرب كهذه, خاصة وأن تأريخ اليمن أثبت صلابة هذا الشعب وقوته في حروب كهذه, ونفس التأريخ أثبت فشل وضعف السعودية في مثل هذه الحروب.
والتأريخ يعيد نفسه!

*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآيديولوجيات السياسية المعاصرة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك