في مساء الجمعة -أمس الأول- جلس الملايين من المشاهدين في مختلف بلدان العالم، يتابعون الخطاب المتلفز الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عبر شاشة قناة المنار، والذي نقلته بشكل مباشر، أو غير مباشر عشرات القنوات العربية، والإسلامية، والعالمية، بما في ذلك بعض القنوات الأمريكية الكبيرة التي نقلت فقرات مطولة من هذا الخطاب المهم والخطير.. ولعل الأهم ما في هذا الخطاب من وجهة نظري الشخصية، أنه لم يكن خطاباً مشابهاً لخطابات السيد السابقة رغم التشابه في الرصانة والبلاغة، وجزالة الجمل وقوتها، وسبك الموضوعات المختلفة والمتخالفة في قالب لغوي عال، إضافة الى ما يحصِّن كل خطابات السيد بما يتوفر لديه من وعي سياسي، وإدراك مكتمل، وبصيرة ثاقبة ترى ما وراء المنظور، ومن حضور شخصي قد لا يصل له أحد غيره، ناهيك عن روابط المصداقية المتينة التي تربط بين ما يقوله السيد حسن نصر الله والجمهور العربي.
وهنا قد يسأل احد الأخوة القراء، ويقول: إذا كانت خطابات السيد متشابهة ومتوحدة في هذه الأطر الجمالية البديعة وفي هذه الأشكال والصيغ اللغوية والنحوية، بما في ذلك خطابه الأخير، فأين إذن الأهمية والاستثنائية التي تميز بها هذا الخطاب، بل وأين الخطورة التي أشرتها فيه، إذا كان متشابه مع خطاباته الأخرى؟ والجواب: أن السيد في خطابه الأخير قد وضع نقاط الحقيقة على حروف السعودية، فعرَّى زعماء هذه المملكة تماماً، وأسقط عنهم كل ما ارتدوه من أقنعة مزيفة طيلة نصف قرن من الزمان، نصف قرن، مارس فيه قادة السعودية مختلف أنواع التدليس، والتعمية، والضحك على ذقون العرب والمسلمين،
ولا أقول دول العالم أيضاً لأن دول العالم، خصوصاً الدول الكبيرة، تدرك جيداً (كلاوات) السعودية، وتعرف ألاعيبها ومخططاتها، لسبب بسيط هو أن هذه الدول العالمية الكبيرة، فصَّلت، (وخيطت) بيديها أقنعة آل سعود!! والفضيلة الكبيرة للسيد حسن نصر الله في خطابه التناظري الأخير أنه (كَعد وياهم ركبة ونص) وقال لهم بصريح العبارة ووضوحها، وبهدوء قاتل أيضاً، وحجج دامغة (تدمغ جبين آل سعود ألف دمغة) هذا هو غلطكم يا جماعة، بل هذه أغلاطكم التاريخية، وهذا الحل الذي سينقذكم من المصيبة التي ستقعون فيها قبل غيركم. ثم أوضح لهم الأسباب التي جعلتهم اليوم في أسوأ المواقع والأحوال، كاشفاً لهم السبب الحقيقي الذي جعل شعوب ودول اليمن والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان تذهب الى إيران وليس الى السعودية ثم استعرض بصراحة ولأول مرة بالأسماء الصريحة، والتواريخ الحقيقية أغلب مؤامرات السعودية على شباب العراق، وأمن سوريا، ومقاومة لبنان، وسلامة ورفاه وتقدم اليمن، بعد أن مرَّ السيد بالتدريج على تحالفات آل سعود المعروفة والمشبوهة مع المجرم صدام، والقاعدة وإنتاج مشروع داعش، ومشروع الجيش الحر، والاصطفاف حتى مع عملاء إسرائيل المكشوفين.
ولم يخش السيد نصر الله ردود أفعال عملاء السعودية السياسيين والإعلاميين، والحكوميين في لبنان، والمنطقة، بل أنه قال بعظمة لسانه ذلك، حين ذكر بأنه يعرف جيداً أن لكلامه الجريء هذا نتائج وتبعات ستظهر خلال الفترة القريبة جداً، ولكن (طز) فيهم جميعاً، (طبعاً السيد لم يقل كلمة طز فيهم، لكني شعرت به يقولها ضمناً)! وهكذا ينتصر السيد حسن نصر الله، بما يملك من حقائق، وحجج، ومصداقية في الشارع العربي، على إمعات، وطراطير السعودية، وقادة تحالف الشحاذين، الذي يضم السودان، وباكستان، والمغرب، ونشامى الأردن (الذين سلموا الضفة لإسرائيل بالسماعات ومكبرات الصوت، أي قبل ان تنطلق من العدو رصاصة واحدة في المعركة) وفاز السيد في هذا الخطاب القوي على الجيش الكَطري العظيم، وعلى جيش البعران البحريني.. ومن ها المال حمل إجمال يا جمَّال.
ولعل الأهم في كلمة السيد أنه أرشد السعوديين وحلفاءهم الشحاذين على الحل الناجع الذي يحفظ لهم ماء وجوههم، ويكفي اليمنيين شر القتال، حتى أنه نبهَّهم، وحذرهم من قضية خطيرة كانت قد جربتها إسرائيل مع حزب الله من قبل، وجربتها قوى التحالف الدولي مع سوريا الأسد أيضاً، وهي أن الطائرات مهما كانت قوتها، لا تقدر لوحدها على تحقيق النصر، إنما الجيوش البرية هي التي تنجز الأهداف السياسية، وتحقق المطلوب، وبما أن جيوش السعودية وقطر والبحرين لا تقاتل (هاي إذا كان عندها جيوش أصلاً)؟ فإن السعودية ستأتي هنا بأولاد الخايبة من السودان وباكستان ومصر والأردن ليقاتلوا على الأرض اليمنية نيابة عن أهل الحلوكَ الجايفة، وساعتها سيبيدهم الحوثيون المجربون شر إبادة!!
أما حجة الشرعية الرئاسية، وتلبية طلب الرئيس هادي عبد ربه، واحتلال إيران لليمن، وأمن الخليج، فهذا لا يمثل أكثر من ضرطة بسوكَ الصفافير، والما سامع بالمثل يروح لسوك الصفافير ويشوف..!
https://telegram.me/buratha