كل الأنظار متجهة إلى اليمن، في هذه الأيام، وأمريكا وحلفاؤها في أوروبا أعربوا عن قلقهم حيال سقوط الحكومة اليمنية التي فرضت على شعب هذا البلد حتى أن بعض الدول هددت الثورة الإسلامية اليمنية والشعب اليمني المسالم بالتدخل العسكري لقمع ثورتهم فلم يتزحزح الشعب قيد انملة عن حقه.
لا شك بأن الثورة اليمنية ضربت أروع الأمثلة وأبهرت العالم بأسره بصلابتها وشدة بأسها ليس بقوة الساعد والسلاح ( إلا في حالات الضرورة ) في الوقت الذي يعتبر أبنائها أكثر شعوب العالم تسلحاً وليس بشجاعة منتسبيها الأفذاذ وحسب رغم المحاولات البائسة والكثيرة المتوالية من قِبل النظام للزج بالثوار في منعطف المواجهة المسلحة والانجرار إلى مربع العنف بل كانت سلمية الثورة اليمنية وإصرارها على المضي قدماً في تحقيق أهدافها ولم يؤثر عامل الزمان والمكان على وهن قوتها هو أهم ما يميز ثورة الشعب اليمني العظيم وكل هذه الميزات لم تكن غريبة على شعب طالما نُعت بالحكمة والإيمان والصبر
كما أن هذه الثورة العظيمة بنظر الكثير من مراقبي المشهد اليمني والساسة الناظرين عن كثب لاقت استحساناً كبيراً مع أن البعض يسرد معايير نجاح قد لا يوافق عليها البعض والبعض الآخر وهو القليل جداً يسرد مؤشرات إخفاق فلنا أن نعرج على بعض هذه المعايير وبعض هذه المؤشرات نقاطاً ونترك المجال للقارئ الكريم الإمعان فيها والغوص في محتوياتها حتى يتسنى له الحكم إيجاباً أو سلباً .
إنضمام أطياف كثيرة شعبية إلى صف الثورة سواء كانت هذه الأطياف مشاركة في حكومات سابقة أو كانت موالية لنظام سابق أو لم تكن موالية كذلك ،هذا يثبت قوة الثورة واحتوائها لخصومها قبلاً. الثورة اليمنية الإسلامية، والتي يؤيدها الملايين من المسلمين في اليمن ،اساسها ظهور وجوه جديدة تتصدر قائمة قيادة البلد أثناء الثورة وبعدها والأهم من ذلك اختيار أقصر الطرق لخدمة الشعب وعدم السير على منوال الحكومات التي سبقتها إلا في الجوانب الإيجابية إن وجدت وقد اتفقت كل الأطياف المشاركة في الثورة على اختلاف أفكارها وأرائها على أن مصلحة البلد هي الأهم وهي الخط الأحمر الذي لا يستطيع أحد تجاوزه ويُترجم هذا الاتفاق والتوافق من خلال اختيار شخصيات تمثل الثورة ولا تمثل الطيف أو الحزب في الحكومات التي تعقب انتصار الثورات ، أن السعودية تعتبر اليمن حليفها الاستراتيجي والأساسي في المنطقة، ولن توفر السعودية أي جهد للحفاظ على الحكومة اليمنية التابعة للغرب، وأن هذا الجهد السعودي الموثق يكشفه حجم التبرعات المالية وإرسال الأسلحة والنفط مجانًا للحكومة اليمنية أو حتى إرسال قوات عسكرية لقمع الثورة الإسلامية والمعارضين في اليمن.
كل الأدلة تشير إلى أن هذا القلق الإقليمي والدولي ليس على اليمن فحسب، بل على الثورة الإسلامية التي ستنتهي بإطاحة حكم آل سعود وتفكك هذه الدولة التي هي من القرون الوسطى، والتي أصبحت قاعدة لقوى الاستكبار العالمية في المنطقة، وأن الثورة اليمنية الإسلامية تمضي قدمًا، ولا يمكن لأي طرف أن يقوم بتثبيط هذه الثورة العظيمة
المعارضة الدولية لتطورات اليمن: مع الأسف تعارض أغلبية الدول الغربية الثورة الشعبية اليمنية، وكان تبلور هذه المعارضة واضحا وملموسا في مواقف مجلس الأمن. كما ان البريطانيين والأمريكيين والفرنسيين قد عارضوا الثورة اليمنية بشدة. يأتي إغلاق السفارات الغربية، في صنعاء، من دلالات هذه المعارضة. ان إغلاق السفارات في الأيام المنصرمة على يد الدول الغربية، إضافة إلى الحلفاء في المنطقة (الدول الأمريكية وانجلترا بدؤوا هذه العملية وأغلقت إيطاليا وفرنسا وألمانيا سفاراتها وثم أغلقت تركيا والإمارات سفاراتها) وهذا يعني معارضة الثورة اليمنية. ان مساعي المحور الغربي العربي المعارض للثورة اليمنية مركز على إعادة الفوضى والخوف وتوفير واجهات الحرب الداخلية
معارضة أمريكا للحركات الثورية والمعارضة للاستعمار في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة ان هذه النهضة متأثرة بنهضة الثورة الإسلامية الإيرانية، وفي نهاية المطاف ان مجموع المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط تعرضها للتهديد الحقيقي. وفي ردة فعل على هذه التهديدات الأمريكية سوف لن تقف مكتوفى الايدي وتنوي إعداد خطط تفشل الثورة اليمينية وثم القضاء عليها
ما هو واضح هنا بان ما يميز الثورة اليمن عن الحركات المشابهة لها في الدول الأخرى، هي عدم نظرة حركة أنصار الله إلى الجيش كمؤسسة منفصلة عن الثورة الشعبية، بل انها حاولت استخدام الجيش في خضم التطورات اليمنية، ولهذا فقد اتخذ الجيش مواقف ملائمة. على هذا ان هيكلة الجيش كانت في أواخر الصيف الماضي قد انضمت إلى أنصار الله. نتيجة لهذا ليس هناك آلية عسكرية بالإمكان استغلالها ضد استقرار النظام الحديث الثوري إلا في اجزاء قليل منها، هذا وان ميزة اليمن ، هي غياب طبقة الأعيان الخاصة المدنية، فلو كانت تلك الطبقة قوية وواسعة النطاق لكان الغرب يقوم باستغلالها كالقوات البرية في مواجهة النظام والنظم الثوري الشعبي، أخيرا وليس آخر يمكن القول بان هناك طريقا معبدا في اليمن بإمكانه تقدم الثورة وإيصالها إلى مبتغاها الأخير.
https://telegram.me/buratha