كم كان يحلو للبعض منا ان يطلق عنوان "عالم الذرة العراقي" على شخص د. حسين الشهرستاني! وكم كنا ننتظر من هكذا شخصية الكثير ان كان على المستوى السياسي او على مستوى العطاء العلمي! والقصة بدأت منذ ايام النظام البائد حيث كان د. حسين الشهرستاني معتقلا لسنوات بعد ان عمل في البرنامج النووي العراقي والذي لم يكن سوى مشروع بسيط في بداياته، وفي حينها لم يكن هناك من تطوير او اوراق بحثية متطورة تقدم بقدر ماكان عبارة عن برنامج طموح في فترة السبعينات من القرن الماضي...ومع ذلك وتقديرا لموقف الشهرستاني بعدم التعاون مع النظام الصدامي،
ولكونه قد اعتقل وضحى فجرت العادة على إطلاق عنوان "عالم" عليه! والكل يعلم ان من يحمل هكذا صفة في الأوساط العلمية لابد من وجود مجموعة طويلة وعريضة من الأبحاث والمشاريع العلمية المسجلة باسمه لا مجرد شهادة دكتوراه في اختصاص معين مع بعض سنوات الخدمة في مشروع معين! وقطعا فان المراكز والمؤسسات العلمية العريقة لايفوتها الاستفادة من هكذا كفاءة ان وجدت، واولها في ايران التي لجأ اليها الشهرستاني وهي صاحبة البرنامج النووي المعروف وفي بداية التسعينات لم يكن برنامجها قد وصل الى ما وصل اليه اليوم من تقدم معروف ومع ذلك فرطوا بطاقات "عالمنا النووي" مباشرتا بعد اول اجتماع تقني معه! وفي بريطانيا التي لجأ اليها بعد ذلك لم يعمل "عالمنا" يوما في اختصاصه! فلماذا ياترى يستغنون عن هكذا شخصية علمية فذة؟!
هذا ليس انتقاصا او بَخْسا بحق الشهرستاني ولكن وضع الشي في موضعه الصحيح. مايهمنا اليوم هو ان الشهرستاني والذي عاد الى العراق بعد السقوط وهللنا فرحا من اننا نملك من الطاقات والكفاءات مايغنينا، والنتيجة انه اسمعنا الوعود بعد الوعود بحل أزمة الكهرباء واكثر من ذلك حيث وعدنا "العالم" بتصدير الفائض الى الخارج! ولله الحمد لا كهرباء ولا تصدير!
وأما عقود النفط التي كنا نعتقد انها الأفضل والأنجع للبلد في استغلال ثروته فإذا باشكالياتها تظهر في اول أزمة أسعار للنفط!
كم نحن طيبون ومتسامحون! ولم نغير من توصيفنا واحترامنا "للعالم" بعد كل هذا...
واليوم يمنح عالمنا إدارة واحدة من اهم الوزارات في البلد "وزارة التعليم العالي والبحث العلمي" والمصيبة انه كان يعتقد انه يستحق اكثر من ذلك ولم يقبل بالمنصب الا بعد الوساطات! وكان المؤمل منه ان لا يتخذ اي اجراء او قرار ان لم يكن مستندا الى دراسة مستفيضة في إيجابياته وسلبياته ومدى تاثيره على سير العملية التدريسية والعلمية في البلد، هكذا هو ديدن العلماء والحكماء! فإذا بنا نفاجأ بان كل ما اتخذ لحد الان ليس سوى إجراءات وقرارات ارتجالية و عشوائية لم يتخذها حتى وزير التعليم العالي وقت الطاغية الجاهل سمير الشيخلي والذي لم يحمل من الشهادات شي!
وتمر الايام ليصل الامر الى قرار خفض منح الطلبة المبتعثين! فبدل ان يتم زيادتها لتشجيعهم على مواصلة الدراسة والابداع ولكسبهم وجذبهم ان يعودوا بعد رحلتهم الدراسية فإذا بعالمنا يحاربهم لينفروا من العودة! ولا ندري اي مبرر لهكذا تخفيض؟ هل هو للتقشف وتوفير الأموال للميزانية؟ فَلَو علمنا ان هكذا تخفيض لا يؤثر اكثر من 0.07% على ميزانية الوزارة و 0.006% على الميزانية العامة!!!! في حين تتسابق دول المنطقة بالانفاق على طلبتها وبعثاتها الدراسية ومنها السعودية والتي تملك 120 الف طالب مبتعث وتنفق عليهم بسخاء مطلق! وفي ايران ورغم الحصار الخانق فهم ينفقون على البحث العلمي حوالي نفس النسبة من الميزانية التي تنفقه بعض دول الاتحاد الأوربي المتقدمة!
وجاء رد المرجعية و لأسبوعين متتاليين لإدراكها أهمية الموضوع لتطلب من الوزير وبكل صراحة مراجعة قراره ولا من مجيب!!!
عذرا ياعالمنا ولكن من يتصرف بهذا الشكل لا يمكن ان ينتمي للوسط العلمي ولا يمكن ان يكون عالما في التعليم العالي، إنما هو جاهل في التعليم العالي!
https://telegram.me/buratha