لاأحد يُدرك عظمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يتعرّف على واقع وطبيعة المجتمع الجاهلي الذي بُعث فيه ...ويطّلع على تفاصيل حياة الإنسان المعقّدة في ذلك المجتمع . ..الذي إقتحمه النبي الكريم وهو لايملك من أدوات التغيير إلا الكلمة والكلمة فقط..مَن يعلم طبيعة ذلك المجتمع الجاهلي حد التطرّف ...سوف تتجلّى له صور التحدّي والمسؤولية الكبيرة التي حملها على عاتقه محمّد ص ... ! فلقد بُعث عليه الصلاة والسلام في مجتمع الجزيرة العربية الذي كان مرتعا للخرافة والفساد والجهل ...والقتل وهتك الحرمات ... وعبادة الأصنام وكانوا يحكمون بأهوائهم ...يحرمون مايشاءون ويحللون مايشاءون...المرأة عندهم منزوعة الحقوق تماما بل وحتى الحياة فما إن يبشّر أحدهم بالأنثى حتى سارع الى وأدها ودفنها تخلّصا من عارها ...العصبية القبلية والغزوات والنزاعات والتمييز العنصري والعرقي هي الصفة الغالبة على الطبيعة الحياتية ...جاهليةٌ جهلاء بكل ماتعني الكلمة من معنى..في ذلك المجتمع وفي تلك الفوضى القبلية والبيئة المظلمة التي تشبه الى حدٍ ما دولة الخرافة الداعشية التي يعاني منها العالم اليوم ...بُعث محمدٌ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ليعلن حربَه على كل تلك المظاهر الفاسدة وداعيا الناس الى ترك آلهتهم المزيّفة من أصنام وأوثان الى عبادة الله الواحد الأحد...كانت صدمة قريش بهذه الدعوة ومن أحد أبنائها ...صدمة كبيرة ..من يجرأ على التعرّض الى آلهتم وآلهة آبائهم الذين ظلّوا عاكفين عليها قروناً من الزمن ...؟ ومن له القدرة على التفكير فقط بتغيير قوانينهم التي سنّوها على مقاسات قبائلهم وأهوائهم ...؟ لكنها الحكمة الألهية والإرادة المحمدية التي تحدّى بها محمد ص مرَدة قريش ... وإخترق مجتمعهم.. إنه محمدٌ الذي لم ينصفه العالم ولم ينصفه المسلمون ...ولأن دعوته دعوة حق جاءت لنصرة وإنصاف المستضعفين من القوم ... ...فقد إنحاز لها الفقراء والمساكين والمحتقرون من القوم بسبب فقرهم أو عرقهم...وأتبعوا نبيهم ونصروه وكانوا هم قاعدته الأولى ...
ونالوا من قريش مانالوا من التعذيب والتحقير والإستنكار...بهذا العدد القليل من الفقراء والذين كان عتاة قريش يدعونهم الأراذل ...بدأ رسول الله حربه على القوانين الجاهلية الفاسدة نصرةً للعدل والإنسانية ...وأول المظلومين الذي إنتصر له نبي الاسلام صلى الله عليه واله وسلّم ...هي المرأة التي كانت توأد في المهد وتدفن حيّةً فنهاهم القرآن بشدة (وإذا الموءودة سُئلت بأي ذنبٍ قُتلت ) ثم إستمرّ بحربه المقدسة ضد الإستغلال وضد الفساد وضد التمييز العنصري ...فلم يفرّق بين اسود وأبيض ..وبين قرشي وحبشي ..وكان هذا الأمرُ ثقيلا على قريش ومستهجنا لديهم ...ولقد روي عنه أنه عندما أمر بلال الحبشي برفع الآذان ودعوة الناس الى الصلاة شقَّ ذلك على إمراء قريش وشيوخهم وقالوا منتقدين رسول الله فيما بينهم ..ألم يجد محمّد غير هذا الغراب الأسود ليأمرنا بالصلاة ؟ فأنبأ الله تعالى رسوله بما قالوا وأنزل قرآنا بذلك (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).هذا هو ميزان التقييم عند الله وعند نبيه ...التقوى التي تمثل كل الصفات الحميدة التي تخدم الإنسانية...إنتصر للنفس الإنسانية وأعظم مكانتها وأغلظ على من يزهقها وجعل أثمه كمن قتل الناس جميعا وثقل إحيائها كمن احيا الناس جميعا ( من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا).وهناك الكثير من التشريعات والقوانين الألهية والقيم والخُلق التي جاء بها محمدٌ ص بعدد المخالفات والقوانين الظالمة التي كانت تمارس على المجتمع ...
أقتصرتُ على أهمّها وبما يرتبط بالمرأة والمساوات وحقوق الإنسان و التي يتغنّى بها العالم المتحضّر ويدعى السبق والصدارة فيها منتقدا بذلك الإسلام ومتهما محمدا ظلما وعدواناً ...حتى تجرّأ الشاذّون والجاهلون بتفاصيل حياته على الإساءة والتطاول على مقامه المقدس وبطرق ساخرة ...وهنا لايقع اللوم على هؤلاء فقط بل على المنحرفين والشاذّين في إمة الإسلام ...من الأولين الذين أسسوا للإنحراف والمتأخرين الذين كفروا بقيم محمد وهو المبعوث رحمةً للعالمين (وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين) كفروا بكلام الله وقالوا إفتراءً على محمد ص جئتكم بالذبح !ولفقوا أحاديثا أخرى لاتمت بصلة لرسول الله الذي مدحته السماء ...
كيف بمن يقول عنه الله تعالى (وإنك لعلى خُلق عظيم) يقبل بقتل الأبرياء وحرق الأحياء وإغتصاب القاصرات ...إنه محمدهم الوهابي التيميّ ...وليس محمد الرحمة للعالمين ؟ولكن المسلمين لم يُنصفوا نبيهم فأنتقدوا وأحتجوا وتظاهروا على من سخر بفكرة ! وصمتوا صمت القبور على من حرّف شريعتهم وأهلك الحرث والنسل بأسم نبيهم !صلى الله عليه وآله وسلّم
https://telegram.me/buratha