المقالات

عادل عبد المهدي ومحنة النفط

1494 01:53:59 2015-01-28

تنقسم مصادر الطاقة في العالم إلى أنواع مختلفة ومتعددة، بحسب المناطق التي تتواجد فيها, وبحسب نسب وجودها وإمكانيات تحصيلها، أو استخراجها وتوظيفها في مناحي الحياة العامة, سواء أكانت الصناعية أم الإقتصادية أم السياسية, وإختلاف هذه المصادر لا يعني أنها متساوية، من حيث كلف الإنتاج أو وفرة الوجود, أو إمكانية الإستثمار أو الإستهلاك؛ فلكل نوع منها قيمة تحددها قيم الإنتاج ومتطلبات الإستهلاك؛ ونجد أن مصادر الطاقة الأحفورية, أو ما تسمى بمصادر الوقود الأحفوري (النفط والغاز) يشكلان العصب الحيوي لأغلب الإستهلاكات الصناعية في الوقت الحالي.
يمثل إستهلاك مصارد الوقود الأحفوري (النفط والغاز)، ما يزيد عن 80% من مجمل استخدام الطاقة, بينما تمثل بقية المصادر, من طاقة نووية وشمسية ومن الرياح ومن المصادر الاخرى, اقل من 20%؛ بالمقابل ارتفعت استخدامات الوقود الاحفوري خلال العقدين الماضيين, فازدادت بمعدل 23.9% خلال 2000-2008، مقابل 5.4% للمحطات النووية، و20.6% للطاقة المتجددة.

يمر العراق اليوم بأزمة, تنوعت في تسميتها: أزمة نفطية, أزمة اقتصادية, أزمة مالية, أوإختلال في واردات الدولة المالية؛ حيث يشكل إنخفاض أسعار النفط في العراق,تأثيرا سلبيا على جميع القرارات الإقتصادية والإستثمارية والتمويلية للحكومة عامة, وفي اعداد الموازنة العامة خاصة, وهي نتيجة منطقية لطبيعة الإقتصاد العراقي ذو الطبيعة الريعية، مع فشل الحكومات المتعاقبة السابقة, على ايجاد بدائل اقتصادية غير النفط, فكان هناك شلل تام في مفاصل قوة الدولة ومسببات نهضتها, وقوة الدولة هنا المقصود بها ما تملكه من أسس ودعائم وبنى تحتية: صناعية وزراعية وتكنولوجية وتجارية, تمكنها من خلق فضاءات نمو اقتصادي في مختلف المجالات.

عادل مهدي بإعتباره وزيرا للنفط في الحكومة الجديدة, يحاول التصدي جاهدا لحل هذه المعضلة الكبيرة التي ضربت اقتصاد البلد, حيث يرى بعض المراقبين المختصين بالشأن الإقتصادي العراقي, أن عبد المهدي يحاول التعامل مع أزمة انهيار أسعار النفط بروح مهنية وواقعية كاملة, فهو لم يتعامل مع هذه الأزمة بطريقة مثالية, أو بطريقة النعامة التي تدس رأسها في الرمال, بل هو انطلق ابتدءا من الاعتراف بوجود أزمة اقتصادية كبيرة, وبدأ تحركه من أجل إيجاد الحلول الصحيحة والمنهجية، المستندة على رأي الخبراء والمختصين والمستشارين النفطيين.
الحل الأول لهذه الأزمة في العراق, إنما تعتمد على تشخيص مقدار قوة النفط في ملف اقتصاد الدولة ومدى قوة هذا الملف, فالمشكلة الحقيقية التي وقعت فيها الحكومات السابقة, وبالأخص حكومة السيد المالكي, إنها كانت تمتلك ثقة كبيرة بإعتبار النفط هو المحرك الأساسي للإقتصاد العراق, مع اطمئنان من قبل هذه الحكومات بأسعار النفط المرتفعة, مع إهمال واضح ومتعمد الى كل قطاعات الإنتاج الإقتصادية في هذا البلد.

من جانب آخر, لم يدر في خلد السابقين أن النفط والغاز خلاف الفحم، قليل التأثير نسبياً في تحريك عوامل الانتاج، وتوليد قيم مضافة فيها، وقليل التأثير في توليد عمالة واسعة في بلدنا، الا بما تضخه من موارد مالية فوقية، تأتي من عمليات بيع الخامات في الاسواق الاجنبية، وهذا بدوره يشكل عوامل بطالة مقنعة وترهل وفساد، وولادة قانون ومنطق اقتصادي, يجعل استيراد المواد اكثر جدوى من زراعتها وصناعتها وطنياً؛ لهذا يتم التخلي عن القطاعات الحقيقية كالزراعة والصناعة, والخدمات والتجارة, واستقواء اقتصاد الدولة واحتكارها, على حساب الاقتصاد الوطني.
تطوير القطاع النفطي, من أهم الحلول المطروحة حاليا, حيث يتجه عبد المهدي الى تقليص تكاليف وفترات تطوير هذا القطاع, محاولا ضرب توقعات المختصين، التي تذهب الى أن العراق يحتاج الى إنفاق نحو تريليون دولار، في السنوات العشر المقبلة لتطوير قطاعه النفطي، وعدد من المشاريع الإستراتيجية، أهمها الإسكان والصناعة؛ وذلك من خلال وضع الخطط الكفيلة والمدروسة بشكل جيد ومهني لحل هذه المشكلة.

استقطاب الاستثمارات الأجنبية ووضع آليات مرنة في النظام الاقتصادي, تعد من ضمن رزمة الحلول التي طرحها عبد المهدي، إضافة للدفع بإتجاه تطوير البيئة المصرفية في العراق والتقليل من هيمنة المصارف الحكومية؛ إضافة إلى تقليص النفقات الحكومية، وإصلاح النظام الاقتصادي والمؤسساتي -التي تعاني من الروتين والبيروقراطية والفساد المالي والإداري- وتنويع مصادر الدخل، وإيجاد حلول سريعة لتوفير الأمن والاستقرار، كل هذه عوامل تم أخذها بالحسبان لعلاج ملف انهيار أسعار النفط.
ما ذكر سابقا يمثل في مجمله الحلول أو الخطط الموضوعة للتنفيذ لحل المشكلة على الأمد الطويل, أما آنيا, فإن إعتماد زيادة الانتاج من النفط, وتجاوز المعدلات السابقة التي تراوحت بين (2-2,5) مليون برميل حاليا والتي كان المؤمل

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك