عدد ضحايا العمل الإرهابي الذي وقع أخيراً في فرنسا , قد لا يثيرنا ولا يشكّل رقماً مهماً لدينا , في العراق أو في البلدان العربية , نظراً لمألوفية حدوثه بشكل يومي تقريباً , لكنه في بلد مستقر أمنيا مثل فرنسا , فلا شكّ بأنه يعني الكثير في حساباتها , الى جانب ما رافقه من تداعيات , من قبيل تعرّض بعض مساجد المسلمين لإطلاق النار عليها . المراقبون والمتابعون لهذا الحدث أسهبوا في قراءاتهم , كلاّ بحسب رؤيته , فلم يتركوا جانباً يتعلق بأسباب إقدام الجناة على القيام بفعلتهم إلاّ وسلطوا الأضواء الكاشفة عليه .غير أنّ للحكومة الفرنسية رؤيتها المشوبة بالقلق إزاء ما جرى وما يمكن أنْ يستتبعه من سلسلة إخرى من أعمال العنف تشكّل إجمالاً إرهاصات لمرحلة مقبلة تتسم بطابع العنف , بسبب مواقف فرنسا وسياستها الخارجية إزاء ما يدور من حراك سياسي , خصوصاً في المنطقة العربية والإسلامية .
وفرنسا الى الآن لم تفصح بشكل واضح , عمّا يشغلها ويقلقها , ولعلّ ما يعزّز هذه الهواجس , هو وجود الكثير من مواطنيها , وهم ينخرطون في المجاميع الإسلامية المتشددة وخاصة داعش , وقد إكتسبوا خبرة عملية كبيرة في مجال العنف وليس ببعيد أن ينقلوا ما تعلموه وتدربوا عليه الى فرنسا وكثير من دول الغرب , فهكذا هي طبيعة الإرهاب , لا تحدّه جغرافية ولا بحار ولا موانع مهما كانت , وربما فات الغرب الذي عمل جاهدا على تشجيع تكوين الكثير من المجاميع المسلحة وحصر ميادين الإرهاب في بلدان الشرق ليجنبوا أراضيهم ويلاته وكوارثه , فاتهم أنه قادم اليهم , عاجلاً أمْ آجلاً , وأنه سيعود لهم وهو أكثر خطرا مما يتصوروه . ولعلّ الحسنة التي تتأتى في المستقبل القريب من تفاقم تهديد الإرهاب للغرب المسيحي وتعم فائدتها بلدان العالم , ودول المنطقة بشكل خاص , هي أنهم سوف يعيدون حساباتهم بالشعارات الكاذبة التي يطرحونها بدعوى تبنيهم محاربة الإرهاب دولياً بحيث يفعّلونها بشكل جدي يدخل حيّز التطبيق الواقعي والعملي , بدلا من الإدعاءات الكاذبة بالحرب على الارهاب ,ليبعدوا عن بلدانهم , خطرالشبح القادم اليهم والمتمثل بالمجاميع من مواطنيهم الذين تخرجوا من مدرسة الشرق الإسلامي عبر إنخراطهم في المجاميع المسلحة العاملة في بعض البلدان العربية والاسلامية ..
https://telegram.me/buratha