فتحت عيناي فوجدت اللباس (الخاكي) ومصطلحات( رفيق) و (الاستاذ) كلمات لابد ان نتلفظها حينما نخاطب مرتدي هذا الخاكي فكان الرفيقُ استاذاً ولكن ليس بالضرورة ان يكون الاستاذ رفيقا ورغم صغرنا وصغر احلامنا البسيطة في حينها الا ان هذا البعض من الاساتذة ( الرفاق) حولوا مدارسنا الابتدائية الى معسكرات للتدريب واصبحنا من حيث لانشعر نلبس هذا الخاكي على صغرنا باسم (الطلائع) ليكبر معنا ومع احلامنا الصغيرة الضائعة ليتسمى باسم آخر الا وهو (الفتوة ) وأي فتوة هذه أنها عبارة عن فتيان ترتدي اللباس العسكري المخطط وهي تركض وتهتف بحماس الفرسان الغلاظ ( طالع لك يعدوي طالع ,,, من كل بيت وحارة وشارع)
ومع محدودية مداركنا في حينها فكنت التفت يميناً وشمالا لعلي ارى هذا العدو الافتراضي المزعوم ولكني لاجد ضالتي المنشودة وهو (العدو )فاترك الاجابة لقادم الايام لعلها تجيب عما يكتنز نفسي من اسئلة بدأت تكثر وتكبر معي, وما أن نتحول للدراسة الثانوية لنرى الخاكي وقد تحول الى لون ( سادة ) اي غير ( مرقط )وقد تحول الى لباس (مودة ) يلبس من البعض لاظهار شيء ما داخل نفوسهم !! ولهذا اللباس اضيف ( المسدس ) لنرى دخول ( الرفيق الاستاذ) الى باحة الصف بسلاحه ليشرح لنا مبادئ واهداف الحزب ( القائد ) ومسدسه في حزامة العسكري (النطاق ) لينقلك من أجواء الدراسة الاكاديمية المدنية الى أجواء محاضرات الكليات ليسمعنا كلمات لم نكن نعهدها فبعدما كنا ندرس بان عدونا هو الكيان الصهيوني الذي غرس في قلب أمة العرب , راح الرفيق الاستاذ يخبرنا بأن عدونا هو الفرس المجوس الذين يريدون أحتلال العراق وضمه الى فارس , يا آلهي بلد يبتلع آخر ؟؟ كيف يحصل ذلك وهل نحن في شريعة الغاب !! وتمضي أشهر عدة لتتغير الاجواء السياسية فجأة ,يا آلهي بدأ التلفاز تتحول برامجه المعتادة الى برامج تقرع فيها طبول الحرب وراح الشعراء يتبعهم الغاوون يُنظمون الكلم كيفما يشاؤون ويحرفونه عن مواضعه !!كيف لا ونحن قد بان عدونا الذي كنا نبحث عنه في (كل حارة وبيت وشارع ) ليطلق العنان للحرب وفق أنشودة ( وأحنه مشينه للحرب ,,, عاشك يدافع عن شرف محبوبته ) لنفكر طويلاً ما الاسم الذي يليق أن نطلقه على حربنا هذه ؟؟
آه نعم ( قادسية صدام ) كيف لا ما فرق سعد عن قائدنا صدام فكيف بسعد قد سمى الاولى بأسمه ولا نسمي الثانية بأسم ( قائدنا ) للنغمس في صراع طويل مع الموت الذي جاء على شكل قوافل من التوابيت المرصعة بالعلم العراقي لنزفهم الى مقابرنا التي أصبحت عامرة بفضل مجالس العزاء التي تقيمها أمهاتنا هناك .وراحت هذه الحرب تقطف الارواح كما يقطف البستاني آزهار الصباح اليانعة , ومن رفض التوجه الى حتفهفي جبهات القتال , انتخى جاره الرفيق ليذهب به الى مقر الفرقة ليعلق على مشانق الموت أذا ما اعدم رمياً برصاصات قد اخذ ثمنها من ذوي هذا (الخائن ) الذي لم يرضي جبروت القائد الذي لايفرح الا مع أراقة الدماء وتشيع الجنائز وعويل الاطفال وبكاء الثكالى من الامهات , وبعد أعوام الدم هذه دخلنا في أعوام جدب وفاقة حتى بتنا نبحث عن رغيف الخبر لسد رمق جوعنا الذي طال بسبب الابواب التي اوصدها بوجهنا اشقاؤنا وأبناء عمومتنا الذين غرروا بنا قبل حين وأدخلونا بحرب حاربنا عنهم بالنيابة لنحمي البوابة الشرقية !! ولكن نحميها من من ؟؟
نعم نحميها من الفرس المجوس لنستعيد أمجاد اجدانا في قادسية جديدة , ولنترك ( الكيان الصهيوني ) ولو بعد حين لتكون معهم منازلتنا الكبرى ولكن ونحن نعاني الحصار الذي فرض علينا لاننا غزونا دولة شقيقة وأردنا أبتلاعها كما تبتلع الافعى كناري صغير ولكن سيدنا الكبير اخرج الشقيقة من بين اسنانا ولم يسمح لنا بأبتلاعها لتفتح علينا أبواب جنهم قصف طائرات وصواريخ ومجاعة قل نظيرها وكأنها ( شعب أبي طالب )ورغم تصاعد اصواتنا بالنجدة مما نحن فيه الا ان المجتمع الدولي ومنظماته الانسانية المتعددة لاذت بصمت مطبق ليعطي لجلادنا رسالة واضحة لينفذها الاخير مداهمات واعتقالات وزج في السجون والمعتقلات , ليأتي عام 2003 ليكتب لنا الاب الكبير سيناريو التغيير ليسقط فيه الصنم وينصب بديلاً عنه اصناماً متعددة بدل الصنم الاوحد وبعد أن كنا متوحدون في عبادتنا لذلك الصنم تفرقنا ليعبد كل فريق صنم صنعه لنفسه ليستمر النزيف وتظل المعاناة لانظر في المرآة التي أمامي وأرى رأسي قتل أشتعل شيباً ولكن مازالت هتافات ( طالع لك يعدوي ) ترن في أذني !!
https://telegram.me/buratha