ونحن على أعتاب ذكرى الميلاد الميمون للرسول الأعظم (ص) لابد لنا من أن نمر على ذكره صلوات الله عليه فننهل من سيرته ما يُمَكِّنُنا الله تعالى منه .
وبالتأكيد فإن الله تعالى خير من تكلم عنه في محكم كتابه بآيات كثيرة تصف خلقه وسيرته , واليوم لنا وقفة على إحدى هذه الآيات لنتعرف على دوره صلوات الله عليه وأهمية هذا الدور.
فقد قال تعالى:
{ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ } (سورة النساء 102)
ذكر المفسرون أن هذه الآية تتحدث عن صلاة الخوف في صلح الحديبية أو في بعض غزواته (ص) وأنها تأمر المسلمين أن يؤدوا هذه الصلاة مع اخذهم حذرهم وأن ينقسموا طائفتين فتبدأ الطائفة الاولى الصلاة خلف النبي في الركعة الأولى ثم يتوقف الرسول الأكرم ص فتكمل الطائفة الأولى ركعتها الثانية سريعا وتأتي الطائفة الثانية فتصلي ركعتها الأولى خلف الرسول ص وهو يصلي الركعة الثانية فإذا أتمها هو (ص) إنفردوا هم ليتموا ركعتهم الثانية .
هكذا ورد في الروايات أن تلك الصلاة كانت بهذه الهيئة .
وهنا يتبادر للذهن سؤال . . . لماذا كانت الصلاة بهذه الهيئة ؟
بمعنى آخر لماذا لم يسمح القرآن أن يصلي بهم غير الرسول الأكرم (ص) ؟
لماذا لم يعطي الله تعالى الرخصة في أن ينوب عن الرسول الأكرم (ص) أحد من المسلمين فيصلي بمن تبقى منهم ولم يصلي مع الطائفة الأولى ؟
والأمر الإلهي بهذا الشأن واضح ((فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ)) والتخصيص بَيِّن من أن الصلاة ((معك)) يارسول الله لا مع غيرك ؟
لابد أن تكون هناك أسباب لهذا التأكيد وأن الصلاة خلفه صلوات الله عليه تختلف عمّا إذا كانت خلف غيره ومن هنا حاولنا حصر هذه الأسباب :
أولا : لرفع التمييز بين المؤمنين فلا يشعر أحد منهم أنه أقل شأناً من أخيه وحُرِم الصلاة خلف رسول الله (ص) بينما صلى غيره خلف الرسول الأعظم (ص)
ثانيا : إن الصلاة المذكورة في هذه الآية المباركة هي صلاة ترافق الحرب ولا يخفى ما يكون عليه الفرد من الخوف والوجل وأن الصلاة خلف نبي الرحمة مع ما يملك من الثقة بنصر الله والطمأنينة بذلك تعزز تلك الروح في نفس المقاتل
ثالثا : إن الصلاة خلف إمام واحد للجماعة يثبت توحيد القيادة الروحية والتي هي نفسها القيادة العسكرية مما يعزز ثبات المقاتل بإنشداده لقيادة واحدة معصومة ولا يتشتت نفسيا بذلك .
رابعا : إن ذلك سوف يعزز للمقاتل وحدة المنهج ووحدة الهدف ( أشار لذلك صاحب تفسير الأمثل ) بقيادة روحية عسكرية واحدة تتمثل بشخص الرسول الأعظم (ص)
خامسا : إن الأثر التكويني المترتب على الصلاة خلف الرسول الأعظم (ص) لا يعدله أثر فيما لو صلى غيره وكذلك الأمر من حيث القبول فالإفاضات المترتبة على صلاتهم خلفه لا يضاهيها شيء
وكل ما تقدم يفسر لنا أن تكون صلاة الجمعة وصلاة العيدين واجبة بحضور إمام زماننا عجل الله فرجه الشريف بعد أن كانت مستحبة في غيابه .
والله العالم
https://telegram.me/buratha