عندما كنت طالباً سنة أخيرة في معهد الإدارة منتصف السبعينات من القرن الماضي سَأَلت مدرس مادة الادارة العامة الذي كان متخرجا من احدى الجامعات الاوربية السؤال الاتي (هل من الضروري ان يعرف مدير الدائرة او الشركة كل مايدور في دائرته او شركته ؟ ) أعاد الأستاذ السؤال على بقية الطلاب فكان الجواب : نعم , يجب أن يعرف, فاجابنا : بالنفي وقال أذا كان كذلك فهذا يعني بان المسؤولين من هم بدرجة ادنى فاشلون.
والسؤال الذي يطرح نفسه :ما الذي يجب البحث عنه عند اختيار المسؤولين باختلاف تدرجاتهم الوظيفية والمناصب التي يشغلونها ؟ لغرض الاجابة عن هذا السؤال , يجب التاكد من ما قدمه ذلك الشخص من اعمال سابقة و الى موطن القوة والضعف لديه .وكذلك يجب ان نبحث عن الاستقامة والنزاهة فيه , وان يتمتع بشخصية قيادية قوية وليس بشخصية جذابة ,لان هناك الكثير من القادة على المستوى السياسي يتمتعون بشخصيات جذابة مخادعة ولكنهم الحقوا الضرر بشعوبهم امثال (هتلر وصدام والقذافي ). وكما يقول المفكر الإداري والكاتب الاقتصادي الأمريكي (بيتر أف. دراكر (2005- 1909) : انك لاستطيع إن تمنع وقوع كارثة كبرى ولكنك تستطيع بناء منظمة لديها القدرة على مواجهة الصعاب وتتمتع بمبادئ أخلاقية عالية تعرف بمقتضاها كيف تتصرف ولديها الثقة في قدرتها ولديها أناس يثقون في بعضهم البعض) .
فهناك من يشجع الموظفين على استخدام أساليب ملتوية والبعض يشجع على اخفاء الاخطاء بدلا من ان يتخذ الاجراءات الرادعة بحق المخالفين ومحاسبتهم ,ولا يجب على الادارة العليا ان تعين مسئولا يظهر خوفا من تابعين اقوياء لانه سيصبح مقادا من قبلهم وليس قائدا لهم وبالتالي يدفع الاخرين من ضعاف النفوس والمتصيدين بالماء العكر للبحث عن الاخطاء والسلبيات ونشرها على سطوح ساخنة الغرض منها الحصول على مكاسب شخصية ليس غير, وعليه أنه من واجب المسئول سواء كان بالمستوى التنفيذي او بالمستوى الأعلى ان يكون موضوعيا وغير منحاز لاي جهة دون اخرى , وان يكون متسامحا وواسع الصدر مهما كانت الضغوطات عليه .وان المسؤول الذي لديه صداقات وعلاقات اجتماعية داخل دائرته لايمكن ان يظل متحيزا لهذا او ذاك .على الرغم من كون العزلة والبعد والتمسك بالرسميات تبعده عن محيطه الاجتماعي وعلاقاته مع الاخرين والتي بناها من سنين طوال .
والشركات اليوم هي أشبه بالجامعات فيها اختصاصات مختلفة وشهادات متنوعة ,كذلك الموظفون فيها يصنفون إلى اختصاصات مختلفة ويحملون شهادات متنوعة , يكون فيها صاحب الشهادة الدراسية الاعلى هو من يقود الاخرين من هم بشهادات ادنى على الرغم من المعرفة والخبرة المتراكمة لدى الاخرين . فلابد لنا من التواصل مع اصحاب الشهادات العليا بشكل يومي , وألا سنجد معظم المعرفة المتاحة عندهم غير مفيدة وسوف تظل مجرد معلومات نظرية غير مطبقة على الواقع الفعلي.
مدير حسابات أقدم/شركة نفط ميسان
https://telegram.me/buratha