المقالات

متى تستيقظ الذاكرة الوطنية ؟

1164 03:29:56 2014-12-11

عانت الانسانية على مر العصور من سياسة التسلط والقهر والعبودية، وابتلت الشعوب حقبا طويلة من عمرها بتلك النظم، لكنها- وبمرور الزمن واتساع المدارك والثقافات واستيقاض الوعي، تأججت المشاعر فالتهبت الثورات والتي اتجهت نحو تحرير الانسان والسعي الحثيث
نحو تغير القوانين المجحفة التي حفظت الحكام والملوك والنبلاء وحاشياتهم مصونين غير مسؤولين، وكبلت الجماهير بقيودالعبودية والرق والاستغلال وحرمانهم من ابسط حقوقهم في الحياة، وقد نجحت شعوب العالم- خلا المنطقة العربية - نجاحا باهرا باقامة نظرية ديمقراطية دستورية يكون الحاكم فيها موظفا واجبه خدمة الناس وهو بالتالي محاسب اما م برلمان منتخب يمثل كافة شرائح المجتمع وتطلعاتهم، كما تم الفصل بين السلطات التي تتولى ادارة شؤون البلاد وتنظيم حياة شعبها، فصارت هنالك سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، شغلها الشاغل النهوض بالبلاد نحو الرقي الاقتصادي والسياسي والحضاري.، وتحقيق الرفاه لشعوبها في ظل نظام ديمقراطي يرعى حريات الجميع بلا تمييز. وظلت المنطقة العربية-على حالها - مع تبدل وتطور بسيط في نظم الحكم لايرقى الى نسبة تذكر قياسا بانظمة الحكم في العالم المتطور، وظلت القوانين المكبلة للحريات العامة يورثها الهالك للمالك، واستمر المواطن العربي اسير قيود شيخ القبيلة واضطهاد الاقطاعي في القرى والارياف، ورب العمل في المدن حتى غدا في عبودية مركبة لايستطيع الفكاك او الخلاص منها، الى ان قامت الانقلابات العسكرية التي نظمت بعضا من قوانين العمل والاصلاح الزراعي،لكنها ادخلته في نظام دكتاتوري في بعض البلدان او سلمته الى سلطة وراثية في بلدان اخرى، حتى نسي بمرور الزمن هذه النعمة نعمة الحرية وتناسى، (كيف استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا؟) بل الادهى والامر انه صار لايميز بينها وبين الفوضى ان تمتع بها في غفلة من غفلات الزمن وعبر مرحلة خاطفة!!
وهذا ما حصل ويحصل الان في العراق بعد عملية التغير وزوال النظام الدكتاتوري السابق، فالكثيرون لايدركون ان للحرية حدودا تدور ضمن قواعد منضبطة لاتتقاطع مع حقوق وحريات الاخرين، لا بل مع حقوق النفس المحترمة، فماكان مخالفا للشرائع والقوانين السماوية والذي ياتي بصيغة التحريم عند الاديان السماوية يقابله ما كان مخالفا لقوانين البلد. صحيح ان الناس ليسوا على درجة واحدة في تقبل الحرية وممارستها حيث ان الناس يختلفون بعضهم عن بعض من حيث استعدادهم للحرية"كما يقول العلماء" فالضعفاء دافعهم للحرية اضعف بينما الاقوياء دافعهم الى الحرية اقوى، وهذا الاختلاف هو السبب في ان ما مفروض على بعض مرتبات االافراد ليس مطلوبا من الافراد العاديين ومن هنا توجب على المعنيين صياغة القوانين التي تنظم طرق واساليب التمتع بالحريات العامة قبل ان تتحول الى حالة انفلات وفوضى نتيجة الانبهار او المفاجئة او عدم الاعتياد.
ان مانراه اليوم من فوضى ادارية واقتصادية واجتماعية، وفلتان امني وسلوكي مرده الى سوء استخدام الحرية وغياب القوانين الرادعة المنظمة لسيرها.

نعم.. ان لحقب الاستبداد والكبت والاظطهاد المتعاقبة التي صبغت تاريخ العراق طيلة السنين السود الماضية اثرها في تشويه بعض النفوس وطبعها بطابع الشر والثأر والانتقام والحقد والاثرة، لكن هذا لا يعني تخريب الممتلكات العامة ونهب المال العام واستشراء الفساد الاداري والمالي وشيوع السلب والخطف والاستهتار بالقوانين والخروج عن سيطرة الدولة، وتحدي القوانين والانظمة وحتى الاعراف! ان المسؤولية تقع-بالدرجة الاولى - على قوات التحالف التي اسقطت السلطة السابقة فهي التي اسست لهذا الفساد والخراب والارهاب بكل اشكاله حين عطلت القوانين الصارمة في حق المجرمين والمفسدين وتركت الابواب مشرعة بما فيها الحدود الدولية، وبقصد او غير قصد اطلقت يد العابثين والمخربين والسلابين والمجرمين لاشاعة الفوضى والتي تحولت فيما بعد الى ردة فعل جمعي عند ضعاف النفوس لتستمر طيلة السنين العشر الماضية من عمر عملية التغيير . بل وتتحول الى اكبر معين للارهاب.كما تتحمل الاحزاب والحركات والتجمعات السياسية جانبا اخرا من المسؤولية حيث كان المفروض بقيادتها وتنظيماتها اشاعة الوعي والتثقيف في صفوف جماهيرها على التعامل مع الوضع الجديد، واستثمار فسحة الحرية ،ان لم يكن قبل عملية التغير فخلالها او في الفترة التي اعقبت سقوط السلطة السابقة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك