حملت الايام الفائتة اخبار مفرحة ومهمة عن النجاحات والانتصارات الكبيرة التي حققتها قواتنا الامنية وابطال الحشد الشعبي والبيشمركة في جرف النصر وزمار وبيجي وعامرية الفلوجة ومناطق اخرى تسببت بمقتل الالاف من الدواعش واصابات اعاداد كبيرة منهم بل وصلت الخسائر الى قمة التنظيم الارهابي عندما اعترف التنظيم باصابة الخليفة الامريكي الاسرائيلي بجروح خطيرة ربما تسببت بمقتله وهلاكه،كما تسببت الانتصارات المتوالية لابطال الجيش العراقي والحشد الشعبي بانهيار معنويات الدواعش وحدوث حالة من الارباك والتخوين والتصارع والتقاتل فيما بين تنظيماتهم.
واستمرار الانتصارات والقضاء على داعش امر حتمي ومفروغ منه وما هي الا مسالة وقت لنكون امام مرحلة اخرى نكتب فيها عناوين لحكايات وقصص لم نكن نتوقعها في يوم من الايام وكما هو الامر مع داعش والقاعدة وساحات العز والكرامة وما شابه.وان كانت امنياتي هي ان تكون عناوين المرحلة المقبلة تتعلق بالاعمار والتشجير والسفر وناطحات السحاب ومسابقات الوز والقطط والارانب ولا ضير ان تشترك الكلاب والديوك في هذه المسابقات التي ستدخل البهجة والسرور في قلوب عشاق هذا اللون من الصراع الدموي.
ومع ان كل هذه الامنيات بسيطة وقد سبقنا العالم اليها قبل عشرات السنين وبامكانيات قليلة لا تصل الى ربع الامكانيات المتوفرة لدينا الا ان امر الوصول اليها قد يكون مستحيلا وصعب المنال ليس بسبب عدم توفر الوز والقطط والارانب بل بسبب شيوع واستمرار الفساد المالي والاداري والذي فاق جرائم داعش وكل الحروب التي مرت على العراق بعد ان تسبب باستنزاف اموال العراق وتحويلها الى إقطاعيات وممالك خاصة للفاسدين والسماسرة والمغفلين والفاشلين.
ان استشراء حالة الفساد المالي والاداري في العراق وصلت حدا لا يمكن السكوت عليه ابدا وتجاوز كل التوقعات ووصل الى كل مفصل وزاوية في مؤسسات الدولة والقطاع المختلط واصبح امر وقف تمدد اخطبوط الفساد شبه مستحيل ويحتاج الى وقفة جادة من قبل الجميع مع تشريعات صارمة من قبل الدولة والى جهاز مراقبة فعال والى انظمة ادارية تتناسب وحالة التطور الكبير في الجوانب المعلوماتية.
ان شيوع الفساد اصبح ظاهرة عامة وطبيعية ،وثقافة مجتمعية هابطة تناغم معها الكثير ،واستهوى السير فيها جمع عظيم ،لسهولة التربح وقلة الجهد المبذول،بعد ان غاب الوازع الديني والاخلاقي وغاب الرادع القانوني والمجتمعي وبعد ان تخلى من سار في هذا المجرى الاسن والقذر عن كل ارثه وتاريخه وقيمه الاسلامية والعربية والعقلية.
ان محاربة الفساد المالي والاداري باتت من اولويات جميع ابناء الشعب العراقي وليست اولوية للحكومة او طرف اخر ولهذا نجد المرجعية الدينية وقيادات دينية وسياسية اخرى دعت واكدت في اكثر من مناسبة الى البدا بوقف هذا التداعي وهذا الاستنزاف المنظم للاموال العراقية بسرعة وبصورة جدية لان الفساد المالي والاداري يمثل الوجه الاسوء في تراجع المجتمعات وانحلالها وفسادها اخلاقيا.
ان على وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة ان تاخذ دورها جنبا الى جنب مع رجال الدين ومع السياسيين الشرفاء لان يبداوا حملة مكافحة الفساد بكل انواعه مع اهمية قيام البرلمان باصدار التشريعات التي تؤدي الى وقف تمدد الفساد المالي والاداري وتجرم كل فاسد حتى لو كان هذا الفساد يعادل درهما واحدا مترافقا مع قوانين صارمة تتخذها السلطة القضائية ضد كل مفسد.
ان الانتصار على داعش لن يكون ذو تاثير كبير طالما بقي الفساد ينخر بجسد الدولة ومؤسساتها لان الفساد سيكون قادرا على اعادة داعش بكل اريحية وسهولة.
https://telegram.me/buratha