السياسيون، جزء من المجتمع، فيهم الصالحون، والطالحون، الزاهدون، والمتشبثون، نعم أغلبهم متشبثون، بل وصل التشبث بهم، أن ربطوا مصيرهم ومصير أتباعهم بمنصب زائل.
خلال التجربه السياسية الحديثة، لم نشهد ثقافة الإيثار، وتغليب المصالح العامة، على المصالح الشخصية، بل العكس، سادت ثقافة الإستئثار، حيث لم يقدم أي مسؤول، إستقالة رسمية، سوى رجلين، هما السيد عادل عبد المهدي، والسيد جعفر الصدر، الذي فاز بعضوية البرلمان سنة"2010" ضمن كتلة دولة القانون، لم يمض شهر، حتى قدم إستقالته؛ ليحافظ على إسمه، وإسم والده، من دنس السياسة، وشيطنة السياسيين، ونأى بنفسه، عن الكتلة التي إنتمى إليها.
الرجال مواقف، ويبقى ذلك الموقف التاريخي للسيد عادل عبد المهدي، بتقديم إستقالته من منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، مستجيبا لنداء المرجع الأعلى، في تقليص نواب الرئيس، ومتنازلا عن كل الإمتيازات الضخمة، لذلك المنصب، فخرج وهامه مرفوع، ويده بيضاء من غير سوء.
لم ينصف الإعلام تلك الشخصية، التي قل مثيلها، في عالمنا السياسي، حيث ساد سياسيو الصدفة والجهال، بينما أنزوى السيد عادل، بعيدا عن هؤلاء، يقدم النصح، بما يكتب من مقالات لعل أحدا يأخذ بها، ولكن! لا حياة لمن ينادي.
كان لهذا الرجل المظلوم إعلاميا، الفضل في إطفاء، ثمانين بالمئة من الديون، التي كانت بذمة العراق، حين كان وزيرا للمالية سابقا، وبعد تشكيل الحكومة الحالية، وتكليفه مهام وزارة النفط، أعلن عن خطته، في المجال النفطي، وزيادة الإنتاج، إضافة إلى زياراته الميدانية، لمصفى بيجي، والمنشآت النفطية، ليطلع على الواقع ميدانيا.
تميز السيد عادل عبد المهدي، بفكره السياسي، ومزجه السياسة بالإقتصاد، فقد حصل على الماجستير، في الإقتصاد السياسي، وله بحوث ودراسات عديدة، في هذا المجال، فكان يمتلك الكاريزما القيادية، ومؤهلا لتبوأ أعلى المناصب القيادية، في كل مرة يرشح لمنصب رئاسة الوزراء، نجد الترحيب من جميع الأطراف، بتلك الشخصية، فكان مقبولا على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، ولكن!.
تصدى الجاهلون بالسياسة والإقتصاد أمورهما، لم يفقهوا شيئا من ذلك، سوى دغدغة مشاعر الناخبين في المواسم الإنتخابية، بتأجيج الطائفية، وتخوين الآخرين، ورمي فشلهم على المتآمرين، فخسر العراق تلك الشخصيات الفذة، على حساب أولئك، وستكشف لنا الأيام أن النجاة في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بعد أن جربنا الخيار الآخر.
https://telegram.me/buratha