ليس الحديث عن خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الصحابي المعروف الذي جعل رسول الله ص شهادته تعدل شهادتين في حادثة معروفة بل الحديث عن خير الأصحاب وهم أصحاب الحسين ع الذين وصفهم الحسين ع بقوله: "فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي"
فالموقف الذي وقفه هؤلاء الأصحاب يتضمن شهادتين وكل شهادة تحمل معنى مغاير لمعنى الأخرى.
المعنى الأول وهو المعروف أنهم بذلوا مهجهم دون الحسين ع وقدموا أرواحهم فداء دون إمامهم المعصوم وقاتلوا تحت لوائه وإمرته والثابت عندنا أن ليس كل من يقتل مظلوما فهو شهيد وأن الذي يقتل تحت لواء المعصوم وتحت أمرته أو أمرة نائبه فقط هو شهيد تنطبق عليه أحكام الشهداء الفقهية.
وهذا المعنى لا يشك به أي مسلم يسير على خط أهل البيت ع واطلع ولو بشكل يسير على هؤلاء الأصحاب وتأكد منهم من أنهم كانوا على يقين من أن طريقهم سينتهي إلى الرفيق الأعلى ودنياهم قد انتهت بمجرد أنهم صمموا على اللحوق بالحسين ع وقد بين هو ذلك بنفسه بقوله "أما بعدُ: فإنّ من لحق بي استشهد ...." وذلك واضح بأن من سيلحق بالحسين ع سيكون شهيدا
أما المعنى الثاني وهو الأبعد في النظر أن هؤلاء الأصحاب قد مارسوا عمليا معنى آخر للشهادة وهو معنى الشاهد المتعارف عندنا في المحكمة وهو أن يشهد شيئا أو فعلا كأن يرى حادثة معينة ثم يقوم بتأدية هذه الشهادة فيحدّث القاضي بما ناله من الشهادة ليحكم القاضي وفق شهادة الشهود كدليل يؤخذ به. وأصحاب الحسين ع رضوان الله تعالى عليهم قاموا بتأدية هذا النوع الثاني من الشهادة وشهدوا أمام الدنيا أن الحسين ع على حق وأنه إمام زمانه وأن الخروج معه واجب وأن الوقوف بوجهه عين الحرام.
وهذه الشهادة التي يؤديها الفرد منّا من خلال كلمات يرددها وقسم يبرمه أدّاها أصحاب الحسين ع بطريقة أخرى لا تقبل الشك ولا داعي للقسم عليها
قاموا بتأدية هذه الشهادة ببذل دمائهم وأرواحهم من أجل الحسين ع فكانت شهادتهم على أحقية الحسين ع خالدة وستبقى مدى الدهر تتردد أن ثلة مؤمنة ضمت أجلّ الناس وخيار زمانهم وقفت مع الحسين ع فلا يمكن لقائل أن يقول أن الحسين ع تفرد برأيه وأن الحسين خالف الجميع وخالفه الجميع بل هو واضح أن أشراف القوم ساندوا الحسين ع وشهدوا أمام الدنيا أن إمامهم على حق ليعلم كل الناس أن الحسين ع لم يأت بأمر مبتدع أو أنه شذّ عن خط الإسلام.
صحيح أن عصمة الإمام الحسين ع تغنيه عن أن يشهد له أحد لكن حكومة العدل الإلهي تقتضي تعدد الشهداء يوم القيامة ليشهدوا على أعمال الناس.
فكان أصحاب الحسين ع الخلّص حاملين للشهادتين الأولى بإقرارهم العملي على أحقية منهج الحسين ع ببذل المهج دونه والثانية بذل الأرواح تحت راية المعصوم ليلحقوا بأعلى درجات الشرف والرفعة والكرامة والله العالم.
https://telegram.me/buratha