على مدار أكثر من أربع سنوات وبوابات النجف الاشرف وبواب المرجعية الدينية مغلقة بوجه السياسين الكبار والصغار حتى انتهى زمن السيد نوري المالكي وجاء زمن الدكتور حيدر العبادي الذي كسر قاعدة القطيعة ونجح بارسال رسائل الالتزام والتعاون والعمل وفق رؤية ومنظور المرجعية الدينية فكان ان دخل الى النجف الاشرف والتقى مرجعية الامام السيد علي السيستاني.
وموافقة المرجعية الدينية العيا على استقبال حيدر العبادي بعد مرور اكثر من شهر على تأديته اليمين القانونية وبعد ايام قليلة من اكمال تشكيلته الوزارية يشكل حالة استثنائية ومراجعة واقعية للخارطة السياسية للمرحلتين الحالية والماضية،فهي"اي المرجعية" في الوقت الذي اغلقت بابها كليا بوجه المالكي وحكومته ،عادت وفتحت ابوابها لاستقبال رئيس الوزراء حيدر العبادي مع احتمال حصول لقاءات اخرى في المستقبل القريب.
ولكن لماذا اغلقت المرجعية الدينية بابها بوجه المالكي ولم تستقبله على مدار اكثر من اربع سنوات بينما استقبلت رئيس الوزراء الجديد ولم يمض على استيزاره اكثر من شهر،والجواب يمكن الحصول عليه من المرجعية او من يمثلها ،لكن المرجعية بطبيعتها الابوية لن تمنح احدا هذا الامتياز وستكتفي بالتلميح لا بالتصريح،غير ان الجواب يمكن الحصول عليه من توجيهات ممثلي المرجعية الدينية في كربلاء المقدسة وما كانوا يعلنونه من توجيهات قيمة للمرجعية الدينية التي كانت تطالب المسؤولين وعلى راسهم رئيس الوزراء بالعمل على توحيد البلاد ونبذ الفرقة والطائفية وتوفير الخدمات وتحسين الواقع المعاشي والقضاء على الفساد المالي والاداري والغاء الامتيازات وتقليل النفقات ومد جسور التالف والمحبة والاحترام المتبادل مع المحيط العربي والاقليمي والدولي،والاهم هو القضاء على الارهاب وحقن دماء العراقيين.
ان قراءة اولية لتوصيات وتوجيهات المرجعية الدينية لا يجد فيها ما هو خاص بالمرجعية من امتيازات واموال ومكاسب انما يجدها عبارة عن حزمة من المطالب والأمنيات التي تخص الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب ولا تختص بطائفة او لون او جهة معينة وهي بهذا تجعل من يتصدى للمهمة امام مسؤولية تاريخية واخلاقية وشرعية.
ان معطيات المرحلة السابقة تقول ان المرجعية الدينية لم تغلق بابها ابتداءا بوجه المالكي وبدات معه وفق منهج الاب الناصح ولم تبخل عليه بما يمكن ان يُقوم عمله الا ان الرجل ابتعد بنهجه عن توصيات المرجعية وتنكر لالتزامه معها وأدار ظهره لها بل وقف في بعض المواقف بالضد من المرجعية وارسل من يمثله الى تحدي المرجعية فكان طبيعيا ان تغلق المرجعية بابها بوجهه،ولو انه انتهج طريق العقل لكان اليوم في غير الموقف الذي هو فيه ولما اغلقت الباب بوجه.
ان استقبال المرجعية الدينية للسيد العبادي لا يعني منحه صك الغفران بل يعني ان هناك التزامات جديدة أضيفت الى مهمته وان عليه ان يقرا مقاطع من مرحلة حقبة المالكي ويتوقف عندها وان عليه ان يعمل وفق توجيهات وتوصيات المرجعية الدينية التي تهم الشان العراقي خاصة ما يتعلق باستحقاقات المرحلة الحالية وتوفير الامن والامان والقضاء على الارهاب واعادة العراق الى المحيط العالمي وتوفير الخدمات والعمل على توحيد العراق ونشر السلم والامن الوطنيين.
ان القراءات الاولية تقول ان العبادي لن يكون كسلفه المالكي وان خطواته تنم عن احترامه لنفسه واحترامه للمرجعية الدينية وانه قرأ فصول المرحلة السابقة باتقان،لانه يعلم ان كل ما تقوله المرجعية له ارتباط مباشر بالعراق والعراقيين وهي بكل ما مضى لم تطلب لنفسها او اتباعها جاها او مالا او منصبا.
https://telegram.me/buratha