عند متابعة السياسة الأمريكية ،نلاحظ التخبط والتناقض، في بعض المواقف والتصريحات،وحتى على مستوى الإستراتيجيات، ويبدو أن صناع القرار في الإدارة الأمريكية مصابين بداء "الفصام "،المرض النفسي الخطير الذي يصيب الانسان .
يعلم الجميع أن أميركا دولة مؤسسات، وأن هناك مراكز دراسات وبحوث متخصصة، في تقديم المشورة لأصحاب القرار ، وهذا لايعني العصمة ،أو عدم الوقوع في الأخطاء أو التناقضات .
عند الرجوع الى التأريخ القريب ،وبالتحديد في (2003)، ذلك التأريخ الذي مثل منعطفا مهما وخطيرا في العراق والمنطقة ، حيث قاد الرئيس الاْمريكي السابق "جورج بوش "،تحالفا دوليا كبيرا ،لإسقاط نظام" صدام "المقبور، ذلك النظام الذي حاز على دعم كبير من الإدارة الأمريكية ،خصوصا خلال فترة الحرب مع الجارة إيران ، الذي كان يحارب الجمهورية الإسلامية الفتية، بالنيابة عن أمريكا وإسرائيل والغرب، وقدم خدمات كبيرة لهم ،ووسع نفوذهم العسكري في منطقة الخليج .
إن حرب إسقاط "صدام" ،كلفت الخزينة الأمريكية، ودافعي الضرائب، ما يقارب " تريليوني دولار" بحسب إحصاءات المراكز المتخصصة ،ولكي نقرب الرقم يعني ما يعادل تصديرالنفط العراقي بأكمله لاربعين عاما ، فضلا عن الخسائر البشرية والنفسية لدى الجيش الأمريكي ،حيث بلغ عدد القتلى أكثر من( 4000) قتيل ، ألم يكن من المصلحة الأمريكية ،التفاهم مع النظام المقبور، الذي لم يشكل أي تهديد لهم، ولتجنبو تلك الخسائر الفادحة ، وبإسقاطة، قدمو خدمة كبيرة ،لعدوهم الأول الجمهورية الإسلامية التي أصبح نفوذها أكبر وأقوى ،في العراق والمنطقة ،وأعادو الحكم للأغلبية الشيعية .
أما في سوريا فقد دعمو "داعش" لإسقاط نظام الأسد، بصورة مباشرة أو غير مباشرة ،وقد أسموهم بالمعارضة "المعتدلة "،وبعد إزدياد نفوذهم وسيطرتهم على مناطق شاسعة من العراق، شكلو تحالفا دوليا واسعا لمحاربة "داعش " ، وفي الآونة الأخيرة خرج علينا "بايدن " بتصريحات قوية ،إتهم فيها تركيا والسعودية
والإمارات ،بدعم الجماعات المتطرفة ،ثم تراجع عن تلك التصريحات ،وأعتذر لحلفائه في المنطقة ! ثم دعمو الإخوان في مصر، وبعدها إعتبروهم المصدر الفكري للتطرف !!.
علينا أن نبحث عن مصالحنا ،وسط هذه التناقضات فما ينفعنا نأخذ به، وما يضرنا نضرب به عرض الحائط ،ونترك جانبا كل الشعارات والمزايدات التي تضر ولاتنفع .
ويبدو أن الاْمريكان بحاجة إلى علاج سريع وفعال، من داء الشيزوفرينيا .
https://telegram.me/buratha