المقالات

المعالم الأساسية للمشاركة في العملية السياسية

1046 21:07:19 2014-09-04

المواطنة: هذه المفردة التي صارت أكثر تداولاً في الآونة الأخيرة. وصار الاحتكام الى معاييرها شعارجميع الحركات والتجمعات السياسية. يبدو إنها أخذت توظف حسب روى وايديولوجيات كل فريق على هوى تصوراته، ووفق مقتضيات برنامجه السياسي، وخططه المستقبلية وكون الاحتكام الى الموازين الإعتبارية: من إخلاص، ونزاهة، وكفاءة. والتي ترتبط إرتباطاً مباشراً، وتنشد إنشداداً وثيقاً بروح الانتساب لهذه البقعة الخالدة، تحظى بمباركة الشرائع السماوية، ومصادقة وتأييد الأعراف والقوانين الوضعية المحلية والعالمية على حد سواء، كونها معايير حضاريةً أثبتت جدواها وتجلت نتائجها في التقدم المذهل والازدهار الاقتصادي، والاستقرار الأمني والنضوج السياسي الذي حققته الشعوب التي تبنت هذه المعايير وتمسكت بها منهجاً ووسيلة.

وحتى تؤتي الدعوات الي تبني هذه الأساليب في عملية التغيير وبناء العراق الجديد.. ثمارها، يجب أن تبتعد عن الأهواء والمصالح الشخصية الضيقة، وتتجنب الصراعات الفئوية المقيتة، وأن لا تتحول الى مجرد شعارات عريضة، وعناوين دعائية وقتية للطعن بهذا الطرف والاساءة الى ذلك. وكم هو مشين إستغلال القيم الإنسانية ومبادئ الخير والجمال في تغييب الوعي العام، وتطويعها لصالح الأغراض والمزايدات المفضوحة.
إن تعاقب الحكومات الشوفينية والسلطات التعسفية التي حكمت العراق بالظلم والاستعباد منذ بداية الحكم الوطني أضعف روح المواطنة لدى مكونات الشعب العراقي، حيث مارست تلك السلطات سياسة التكتل الطائفي وتغييب الهوية الوطنية بإشاعة أساليب القمع والاقصاء والتخوين. وظل المواطن العراقي عبر مراحل التاريخ وعلى الأقل منذ تأسيس العراق الحديث.. ظل يتطلع الى قيام دولة حديثة متوازنة ترأسها حكومات منتخبة تمثل أطياف العراق التي رسمت خارطته. لكن مصالح الدول الكبرى وسياساتها الملتوية وقفت حائلاً دون ذلك، فمقتضيات أهدافها الاستعمارية التي نحت منحىً خبيثاً تبنى إسلوباً جديداً من الاستعمار المبطن تمثل بايجاد بؤر للتوتر في المناطق التي ينهون فيها إستعمارهم المعلن بعد أن يحكموا قبضتهم عليها من خلال حكومات دكتاتورية تدين لهم بالولاء وتنفذ مشاريعهم الاستعمارية. وهذا ما حصل فعلاً منذ دخول القوات البريطانية الى العراق سنة 1917 وبداية الحكم الملكي، ثم حكومات الانقلابات العسكرية، وآخرها تسلط حزب البعث الشوفيني الذي جعل المواطنة مرهونة بالولاء للحزب، والولاء للحزب مرتبطاً بالطاعة العمياء للقائد الضرورة وهذه الطاعة يجب أن تثبت عملياً باستباحة كل شيء. وانتهاك كل مقدس وارتكاب كل جرم. واهانة كل رمز. وخلاف ذلك فالكل متهم، والكل مخون.

والكل مهدد بالنفي واسقاط الجنسية، فيما إذا فلت من الاعدام بقدرة قادر!. وسلوك هذا دأبه، وعصابة هذه أساليبها من الطبيعي أن تدفع المواطن -شاء أم أبى- الى الاصطفاف مع قومه، ومع مذهبه عله يحمي نفسه من سلطة تنظر اليه كعبد آبق، أو كافر مشرك. وعندها ينتفي أي دور للمواطنة الحقة.
على أننا لا نريد تبرير بعض السلوكيات، ولا نجد في الانتساب الى العرق أو الطائفة خياراً وحيداً، وملجأً آمناً، بقدر ما نحذر من تكرار تجربة السلطة المقبورة التي أسست لهذا الاتجاه المنحرف، وسنته منهجاً سيئاً، وطريقاً أخرق لتشتيت وحدة شعب متعدد الطوائف والأعراق والأديان.

لا ندري كيف صار التنوع العرقي والمذهبي الذي صبغ المجتمع العراقي بطيفه الجميل، وطبعه بصفات محببة لأزمته منذ تأسيسه، ومازته عن كثير من شعوب المحيط الإقليمي والعربي، حتى غدا سمة للتآلف والتعايش بود، لا ندري كيف تحول الى معادلة ظالمة تمثلت بهيمنة واستبداد حزب واحد تمحور خبثاً حول عشيرة واحدة؟. ثم عائلة واحدة، فرضت على العراقيين حتميةً معاصرة، وحكمتهم بالحديد والنار وأدخلتهم في آتون سياستها الخرقاء مرغمين طيلة أربعة عقود سود من التعسف والتنكيل والقتل والتشريد، واسقاط الهوية. لتقتل بذلك روح المواطنة وتذوب مشاعر الانتماء لوطن كبير وكأنها تقول للعراقي باستفزاز صريح: هذا هو الوطن الذي لا تمتلك فيه شبراً، فيه تهان وتقتل، وتنفى، وينتهك عرضك ومقدساتك وتمحى من هويتك.
وبعد أن تسد بوجهه جميع الأبواب لا يجد مناصاً من اللجوء الى الاصطفاف مع قوميته وطائفته والالتفاف حول مذهبه والتمسك برموزه. كعملية تعويض قسرية، وحماية للنفس من الضياع، واثباتاً لوجود، لتصبح المواطنة أمراً منسياً أو مثالية زائدة على أحسن التقديرات. وبذلك تكون نظرية المؤامرة قد حققت أهدافها، ونالت الدوائر الامبريالية مبتغاها على يد موظفيها الذين زرعتهم في قلب الحدث بدقة متناهية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي عثمان البياتي
2014-11-05
ممكن اعرف شي عن هذا الموضوع - اسس الدولة ومعالم النظام الملكي في العراق-
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك