المواطن هو المواطن .. سواءً تحزب او لم يتحزب، وطنيا كان أو لم يكن، عالما أم غارقاً في جهله، غنياً أو فقيراً،فهو في المحصلة أصبع بنفسجي وورقة انتخاب في صندوق الإقتراع. تلك هي نظرة كثير ممن يتعاطون السياسة، والذين يتعاملون مع مفردات الروح، والوجدان والمواطنة، على إنها مجرد أرقام تتراكم فوق بعضها، في صندوق مغلق، بحيث ينتهي دورها بمجرد نزولها في الصندوق، لتحقق استحقاقا انتخابيا يكون جاحدا بالدرجة الأولى، لحقوق ناخبيه.
لقد أثبتت الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، قدرة المواطن على التعبير عن نفسه، وإحداث التغيير الذي دعت إليه المرجعية العليا، بالرغم من مراهنة كثير من الساسة، على فشل عملية التغيير، وفي مقدمتهم حكومة المالكي- موضوع التغيير- والتي لم تدخر وسعا حينها، فإستغلت المال العام لشراء الذمم، وأعلنت عدائها للمرجعية في النجف الشرف. على الرغم من أن التجارب السابقة، مازالت تلقي بظلالها على هواجس المواطن، من خلال التركة الثقيلة، التي ورثها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي المنتهية ولايته، إلى خلفه المكلف السيد حيدر العبادي، من أراض محتلة، وحكومة مترهلة، ومئات الآلاف من المهجرين، والنازحين- نتيجة سيطرة الإرهاب الداعشي على مدنهم وقراهم- وكيانات سياسية باتت تتبنى الخطاب الطائفي؛ نتيجة لسياسة حكومة المالكي، في إدارة ومعالجة الأزمات التي تعصف في البلاد.
نجد إن بوادر التغيير- حتى وإن كانت بصورة شفهية- أخذت تظهر جلية على سلوك وتصورات المواطن العراقي ،من خلال إستعداده ورغبته الجامحة للتغيير، لما عاناه من الويلات والنكبات، وسوء الخدمات، وتردي الوضع الصحي، وغياب الأمن، وتفشي الفساد السياسي، والإداري، والمالي.
بالنظر للتغيرات السياسية الحالية، فإن الوحدة الوطنية، والإصلاحات السياسية، والمصالحة الجماهيرية، والبيئة الآمنة، والمحيط الإجتماعي الهادئ، و و ..كل هذا وذاك، إنما هي أحلام وأماني، باتت تراود الخواطر، وتلهب المشاعر- بالنسبة للجماهير التي تتطلع إلى عراق موحد آمن- لما تراه وتسمعه من تباشير الإصلاح، وبوادر التغيير، التي تبشر بها وسائل الإعلام، والشخصيات السياسية.
أبواب جهنم، وبحور الدم،التي توعد بها المفلسون، من أيتام وارامل حكومة المالكي، من الذين لاينتمون أصلا إلى حزب الدعوة، وسقوف المطالب العالية للكتل السياسية، يقابلها كياسة الإسلوب السياسي المرن، والمنفتح، والبناء، للتحالف الوطني، وثقة السيد حيدر العبادي، بإمكانية تشكيل حكومة وطنية، تمثل جميع اطياف الشعب العراقي؛ إنما هي تناقضات تعصف بذهنية المواطن، الذي يترقب وبشغف، أن تشرق شمس الأمل، وأن يستنشق نسمات التغيير.
حتى لا يخيب رجاء المواطن، وأن لا تجهض بوادر التغيير، وأن لا تصادر جهود الفضلاء، من قبل خفافيش السلطة ،وغربان السياسة، ممن أدمنوا المناصب وعشقوا المكاسب.. لابد لنا من الإلتزام بحدود المساحات الدستورية، والسقوف الزمنية، والحرص على تغليب المصلحة الوطنية، من خلال الحضور الواضح، لشرفية الإنتماء لهذا البلد.
فهل سيكون السيد العبادي- بدعم من التحالف الوطني وإلتزاما بتوجيهات المرجعية الشريفة- صاحب الومضة الأولى التي ستطلق صفارة البداية لعملية تصحيح المسار السياسي وتحسين الأداء الحكومي..؟
https://telegram.me/buratha