بصورة راديكالية غير متوقعة , وتوضح مدى قوة الإطراف المستهان بهم سابقا ً , تم تكليف حيدر ألعبادي بصورة غير منتظرة وغير متوقعة لتشكيل حكومة شراكة وطنية , تعيد القطار إلى سكته التي غادرها منذ زمن .
التحديات كبيرة وكثيرة , انهيار هيبة الدولة , انتكاسة الجيش في الموصل , شخصنة السلطة , النازحين , تنامي دور المليشيات وأصبحت بديلا ً للقوات النظامية , عودة شبح عسكرة المجتمع " بلد الثكنة العسكرية " , وتنامي الثقافات الفرعية على حساب الثقافة الوطنية , وهذه المشكلة لم تظهر بين ليلة وضحاها بعد سقوط الموصل , وإنما ظهرت بمجرد السماح بالتعددية الحزبية في العراق الجديد , حيث نشأت الأحزاب تعبيرا ً عن الطوائف والقوميات والقبائل , وبديهيا ً إن لكل حزب إيديولوجية خاصة به , ونتيجة الخوف من الأخر , انغلقت الأحزاب على نفسها , وتبعا ً لذلك الجماهير انضوت تحت هذه الأحزاب وتبنت هذه الثقافات , وأصبحت دين تدين به ِ , لان الكردي يرى النجاة في التحالف الكردستاني , والسني يراها في العراقية والان في متحدون , والشيعة كل ُ يغني على ليلاه , حيث توزعت الجماهير الشيعية بين الأحرار والمواطن والقانون وبقية الكتل الشيعية الصغيرة , وأهُملت الثقافة الوطنية نتيجة لذلك , وبعد تشبع الجماهير بالأفكار الحزبية المنغلقة والناتجة تحت تأثير المصالح الحزبية الضيقة , أصبحت تنظر لكل من ينادي بالطيف الوطني العام على انه خائن , ولا يريد مصلحة أهله .
ثقافة وطنية ضعيفة , ثقافات فرعية متنمرة , فقدان المؤسسات الوطنية , وتنسيب كل وزارة أو هيئة إلى كتلة بذاتها .
كل ذلك أوجد مجموعة من التناقضات الصارخة في النسيج الاجتماعي الذي هو أصلا ً يعاني من التمزق منذ 2006 , إضافة إلى مجموعة من التناقضات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية التي ترسخت وامتدت جذورها إلى أعماق المجتمع العراقي .
وهذا يضع تحديات كبيرة وصعبة جدا ً إمام الحكومة القادمة , فهل ستُخرج عصا موسى وتحل كل ذلك في أربع سنوات , أم أنها ستقف مكتوفة اليدين ولا تستطيع إصلاح ما أفسده الاخرون ؟
https://telegram.me/buratha