تشكل الوزارات في كل حكومات العالم_ وعلى تنوع واختلاف وتعدد أتجاهاتها ومتبنياتها وايديولوجيات ومسميات الأحزاب والكتل المكلفة بتشكيلها_ خلية عمل متجانس مترابط يبدأ متخصصاً محدد الصلاحيات وفق برنامج متفق عليه وخطط مرسومة، وينتهي الى نتيجة واحدة وهدف مشخص الا وهي بناء نظام وطني قوي متماسك يحرص على تقديم أفضل الخدمات لجماهيره ويسهر على رفع مستواها المعيشي وأحلال الأمن والرخاء بعد حل الأزمات وأزاحة المعوقات، كما يسعى جاهداً للنهوض بمقومات الدولة المتحضرة سياسياً وأقتصادياً وأجتماعياً في كل مفاصلها وعلى كافة المستويات الداخلية والخارجية والتي بدورها تعزز مكانة الدولة في المنظومة العالمية وترفع مكانة البلاد وشعبها الى المصاف اللائق بين الأمم وترفع ثقة الجماهير بالحزب أو الكتلة القائمة على تشكيل تلك الحكومة.
للوهلة الأولى_ وبفعل النشاط التخصصي الطاغي على عمل كل وزارة_ تبدو الوزارات وكأنها مستقلة أستقلالاً تاماً عن بعضها ولا ترتبط أي وزارة بوزارة أخرى لا من بعيد ولا من قريب. والى حد ما يكون هذا التصور صحيحاً، ولكن في مجال التخصص فقط لا غير.
فتشكيلة الحكومة_ التشكيلة الوزارية_ لاتختلف عن تشكيلة أية فرقة عسكرية فقد يؤدي(الضعف والخلل في أحد أجنحتها الى فشل كامل في أداء تلك الفرقة حتى وأن كانت تحت قيادة(رومل أو نابليون أو مونتغمري)!.
فلنركز أذن على وزارات عملية التغيير... وزارات المرحلة الأصعب في تأريخ الوزارات العراقية المعاصرة.
فبدءاً بالوزارة التي شكلها مجلس الحكم وترأسها الدكتور أياد علاوي ومروراً بالوزارات التي تشكلت على ضوء نتائج الأنتخابات ورأسها الدكتور أبراهيم الجعفري وأنتهاءً بالوزارتين اللتين تشكلتا برئاسة السيد نوري المالكي، في كل تلك التشكيلات وخلال اربع سنوات ونيف من الشهور لكل تشكيلة لم نشهد غير التراخي في الأداء، والتهاون في التنفيذ، وشيوع ظواهر الفساد الأداري والمالي، والضعف والتفكك في مفاصل المؤسسات والمديريات والهيئات المنبثقة عن تلك الوزارات ،والفشل المتكرر في رسم الخطط ووضع البرامج ،وتنفيذ المشاريع. ناهيك عن تفشي حالة التنافر والتباغض وتقصي العثرات بين مسؤولي وملاكات تلك الوزارات، وابتعادهم عن روح العمل الجماعي والخلية الواحدة ،والتي تحتمها حراجة المرحلة، وتتطلب أعتمادها حالة الفراغ والفوضى، وأنعدام الخدمات ،التي أفرزتها عملية أسقاط السلطة السابقة وما تبعها من تداعيات وتراكمات ومخلفات!.
ومع كثرة وتعدد الوزارات ظلت العملية السياسية تراوح مكانها وازداد تردي الأوضاع سوءاً وتدهوراً وعلى كل المحاور خاصة الأمنية والخدمية، حتى بدا وكأن الجميع يعملون تحت شعار:( كل يخرب من موقعه)!.
وبدلاً عن معالجة العجز بتكثيف وتفعيل عمل الوزارات، وشحذ همم ملاكاتها وتعاون مؤسساتها، شرعت أكثر من كتلة بسحب وزرائها من التشكيلة الحكومية لتحدث فراغاً هائلاً ونقصاً يضيف لمشاكل الحكومة أزمات وأزمات، ويزيدها عجزاً وأعباءً ثقيلة!.
والغريب في الموضوع سكوت المسؤولين في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان ،وتماهلهم في سد الفراغ وأشغال الوزارات الشاغرة التي بلغت ست عشرة وزارة في بعض الاحيان ،وترددهم طيلة كل هذه الشهور الأمر الذي أدى الى تفاقم الأزمات واستعصائها على الحلول مع وجود وتوفر أكثر من بديل سواء على مقاسات ومشروطية المحاصصة ،أو حسب ضوابط التكنوقراط المستقلين!.
يبدو أننا لازلنا أسرى عقد التسلط وتراكمات الحقب السود برغم جسامة التضحيات التي أفترشت خارطة العراق،
https://telegram.me/buratha