تمر الامم بمواقف مفصلية, يحصل خلالها تحول في مسارها, أو أوقات يحصل تغيير كبير أو مهم أثنائها.
لكل مرحلة رجال يقودونها, يكون لهم دور متميز, يقدمون شيئا, يحققون تغييرا في حياة شعوبهم, وهناك بعض أخر يفشل, وتتدرج درجات النجاح والفشل حسب الظروف العامة, وقدرات هؤلاء الرجال, وأهدافهم لتولي القيادة.
الميزة الثابتة لمثل هذه الظروف, وجود من يصر على إعادة الزمن إلى الوراء, لأسباب تتعلق بمصالح شخصية ومنافع, وغيرهم يتمسك بشخوص المرحلة السابقة, لتعلقه بهم نفسيا وشخصيا, وقلة لأسباب تتعلق بمبادئ يرون أن شخوص المرحلة الماضية هم وحدهم من يمكنهم أن يحققوها!؟.
يميل الغالبية لمسايرة عجلة الزمن, وتقبل التغيير, وفهمه على انه تغيير طبيعي في حياة الأمة, فكيف أن كان الموضوع يتعلق بتسليم سلطة!؟.
لم نعتد نحن كعراقيين على فكرة تسليم السلطة, و يعود ذلك لترسبات حكم حزب البعث, وعدم وجود الفكرة أصلا في قاموسه, وحداثة التجربة الديمقراطية لدينا, وفي المرتين التي حصل فيهما تغيير في منصب رئيس الوزراء, كانتا بشيء من الصعوبة والضغوطات بشقيها الخارجي والداخلي.
ما حصل هذين اليومين من ولادة عسيرة جدا, لمن يرشح لتولي المنصب, اظهر بشكل جدي إننا كشعب, لازلنا نعيش حكم الرجل والقائد, ولم نصل لمرحلة أن يكون لدينا استعداد لتقبل فكرة أن الحكم مؤسسة, وليس شخصا واحدا.
من المهم جدا أن نفهم, أن تداول السلطة بشكل سلس وسلمي هو عرف وفهم أصيل في العملية الديمقراطية, وان عرقلة الأمور, ومحاولة الاعتراض بشكل غير لائق أو قانوني, ستكون له نتائج لا تحمد عقباها, وان الأثر الأكبر سيكون في زيادة الانشقاق الاجتماعي, أكثر مما هو موجود الآن..ناهيك عن التعطيل الذي ستسببه والإرباك في مؤسسات الدولة, وكأنها بحاجة لإضافة..فهي بالكاد يمكن تسميتها مؤسسات..ودولة!؟.
حق الاعتراض مكفول وأصيل, ويجب أن نتمسك به, ولكن ضمن سياقات قانونية وسياسية مقبولة, وبشكل لا يؤثر على وضع الدولة والمجتمع, وخصوصا ونحن في ظرف حساس وخطير جدا..على أن لا ننسى إدعائنا جميعا العمل لتأسيس دولة ومنهج ديمقراطي, تكون فيه المصالح العليا للوطن والشعب, فوق المصلحة السياسية الحزبية أو الشخصية؟!.
العراق بحاجة لجهد جماعي كبير, من كل المواطنين والساسة ,باختلاف توجهاتهم.. وليس مطلوبا أن نتخلى عن توجهاتنا السياسية أو الفكرية, بل نحتفظ بها ونراجعها, تقويما وتقريبا لمصالح الوطن والناس, والساسة نحن من نصنعهم..بأصواتنا..فلا يصح أن يجعلونا صنيعتهم ويحركونا كيفما يشاءون.
لنتعلم مما فات, ولا نتوقف عنده, فالوقت ثمين, لنبدأ صفحة جديدة..لكن بعيون مفتوحة تراقب كل شيء..ولا ننتظر أربع أو ثمان سنوات لنتذمر بعدها!.
اقلبوا الصفحة رجاء..لنمضي معا في بناء وطن.
https://telegram.me/buratha