لا شك ان الامن يشكل الركيزة الاولى لبناء الدولة والمجتمع وفي غيابه لا دولة قائمة ولا مجتمع يعتد به وهو ما يترتب عليه ان الناس لا يأمنون لا على انفسهم ولا على أموالهم وفي خضم هذا الوضع التراجيدي يبدأ الاقوياء ببلع الضعفاء وتتفشى في ظله شريعة الغاب بحيث لا يستطيع الواحد ليس فقط توفير لقمة عيشه وانما العجز حتى عن الاستمرار في البقاء والحياة .
وعندما يغيب الامن يسود الرعب والخوف من المجهول الذي لا يعلم احدا ماذا يحمل في بطنه فيظل تأكله الهواجس وتهبط من معنوياته ويستسلم لليأس الذي يحول المجتمع التي يعيش فيها الفرد الى بيئة فاشلة وغير منتجة وغير مبدعة .
هنا يبرز هذا التساؤل : من الذي يتحمل مسؤولية الامن في المجتمع ؟
المسؤول الاول عن الامن هو النظام السياسي وتركيبة السلطة خاصة في مجتمع مضطرب يكون للحاكم فيه الدور الاكبر في توفير الامن للناس كون القرار سياسي بامتياز والا فان مثل هذه الحالة منتفية في المجتمعات الامنة والمستقرة حيث يشارك فيها الناس في تحمل مسؤولية وصياغة القرار السياسي والامني ..
في العراق المضطرب والمدمر بفعل سياسات خاطئة للحكومة واصحاب القرار فيها وخاصة رئيس الوزراء يظل هاجس الناس هو غياب الامن الذي ولد لديهم الاحساس بالرعب وبالمجهول الذي ينتظرهم في ظل الارهاب وانتشار ظاهرة الغزوات "الاسلامية" الداعشية وعجز الحكومة عن توفير ادنى متطلبات الحياة المستقرة والامنة .
ويبقى التشبث بالكرسي في العراق احد ابرز اسباب غياب الامن وانتشار الارهاب وعجز الدولة من السيطرة على الاوضاع وتفكك المؤسسات العسكرية والامنية وانهيار البنية التحتية والاقتصادية .
التشبث بالكرسي يمثل احد مشكلات العراق الرئيسية التي اغرقت البلاد في الخراب والدمار والفساد وبروز ظاهرة الدواعش .
واول من سن سنة التشبث بالكرسي الخبيثة في العراق بعد سقوط البعث الصدامي هو حزب الدعوة واستهله ابراهيم الجعفري الذي رفض حتى الرمق الاخير ترك الكرسي وتشبث به بذات الحجج التي يحتج بها المستبدون والطغاة ضد خصومهم وشعوبهم ولم يترك الجعفري الكرسي الا بشق الانفس واليوم يعيد الكرة نفسها خلفه اي المالكي وبصورة اكثر دراماتية وبتفصيل ممل اوصل العراق لحد الهاوية والانهيار المؤسساتي الكامل في جميع جوانبه وحجة المالكي لا تختلف الا في جزئية ان "ناخبيه " يطالبونه بالاستمرار في الحكم والتشبث بالمنصب !ولو على حساب امن العراق وامن الشيعة وامن كل انسان يرفض التطرف والارهاب ويسعى لحياة حرة وكريمة ، هذه الافة يبدوا انها متجذرة في كل الاحزاب المستنسخة اخوانيا شيعيا وسنيا وفي تجربة مرسي الاخواني في مصر خير دليل ولم يتنحى الا بقوة الجيش والشارع ، اما المالكي فان عزله قد لا يكون اقل تراديجيا من مرسي بعد ان اوصل العراق الى كارثة حقيقية .
بالامس جاء بيان المرجعية الرشيدة ليضع حدا لكثير من اللغط الذي حاول الانتهازيون والطفيليون وحتى السلطويين من استغلال ذلك لنفي التهمة عن انفسهم وتبرير اخفاقاتهم عبر رمي الكرة في ملعب الخصوم واذا بفصل الخطاب يخرج من كربلاء ومن وكيل المرجعية الشيعية ليذكر العراقيين باحد ابرز آفات التي ابتلي بها العراق بعد 2003 وهي التشبث بالمنصب والكرسي حيث قال ممثل المرجعية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائى دام عزه ضمن عدة نقاط واهها هي :
الاولى :"تشكيل حكومة تحظى بقبول وطني واسع ومتمكنة من لم الصف الوطني ."
الثانية: " التحلي بروح المسؤولية الوطنية وعدم التشبث بالمناصب "!
الامر يبدوا اكثر وضوحا ولا حجة بعد ذلك لكل الذين دعموا المالكي واعتبروه المخلص والمنقذ للعراق وان غيابه سوف يشكل كارثة للشيعة وان تنحيه يدخل الشيعة في متاهات لا تقوم لهم قائمة بعدها !
هذه السخافات التي روجها كثيرا اتباع المالكي ومريديه بفعل المزيدات التي يمارسها المالكي حيث يعلم ان الورقة الشيعية هي الرابحة على الطاولة كلما تعسرت عليهم الامور ليعيد نفسه الى الواجهة ويخلق خلفه اصطفافا كاذبا من الشيعة والحال ان المالكي هو السبب في ان يتعرض الامن الشيعي للخطر بحيث تكاد تجربة الموصل اليوم تتكرر في جرف الصخر بعد سقوط نواحيها بيد داعش واستيلائهم على كثير من العجلات والمدرعات والهامفر والخشية من سقوط المدافع الميدانية بايديهم حيث تكون كارثة على كربلاء ، ومازال يتغنى بالانجازات وهو لم يستطع بناء جيشا قويا ولا حتى حماية امن اقليم الجنوب من خلال دعمه بالبنية العسكرية والاقتصادية القوية لا ان يكون همه التشبث بالكرسي ويعرض الامني الشيعي للخطر الحقيقي وامن العراق للكارثة وبذلك يخلق من العراق بلدا للرعب ويسن سنة التشبث بالكرسي في كل من يخلفه من حزبه الفاسد.
https://telegram.me/buratha