عدنان العراقي
في العصر الحديث وبعد سقوط الدولة العثمانية، كان المشروع الأساسي للاستعمار هو تمزيق الأمة الإسلامية، وتقسيمها إلى دويلات متناثرة ، لتضعف قوتها، وتفتت طاقاتها، ومن ثم يسهل احتوائها والسيطرة عليها، وهذا ماتنبهت إليه المرجعية العظمى في العراق عندما أصدرت فتوى الجهاد ضد المستعمر ألاجني في ثورة العشرين ، بالرغم من ظلم الدولة العثمانية للشيعة في ذلك الزمن ، ولكن كان المخطط قد نفذ على مستوى العالم وبإمكانيات هائلة يصعب احباطها.
والجميع يعرف مضمون اتفاقية سايكس بيكو التي عقدت بين الدول المنتصرة، والتي كشف عنها بعد الثورة الروسية ضد القيصر في روسيا عام 1916، حيث وجد ان الحلفاء تقاسموا البلاد الإسلامية فيما بينهم، ولكي يضمن الاستعمار هذا التمزق والاختلاف،تم إثارة النزعات القومية ليعزل العرب عن محيطهم وعمقهم الإسلامي، والنعرات الطائفية لتقسيم الوطن الواحد الى قوميات وطوائف تتقاتل فيما بينها، فتخلفت دولنا نتيجة لانشغالها بالمشاريع التقسيمية التي شرذمت الدول، فالسودان تحول إلى دولتين والمخطط بتحويل مصر إلى ثلاث دول، والعراق إلى ثلاث دول ، واليمن الى دولتين ، وان الفتوى التي صدرت من سماحة الامام السيد علي السيستاني(دام ظله) والتي تعتبر امتداد لخط الرسالة والإمامة، هي بالحقيقة تصدي لهذه المخططات ،و تعديل المسار الخاطئ للحكام ، وعندما يظهر خطر محدق بالأمة فيحافظ على وحدتها ويعصمها من التفرق والتناحر، فحولت الضعف والوهن إلى قوة،
فبعد خسارة المعركة وهبوط المعنويات ما هي إلا لحظات من صدور فتوى الجهاد الكفائي حتى تحول موقف الجيش من مدافع الى مهاجم ، واندفاع الالاف بل الملايين للتطوع، واحالت اندفاع الدواعش ونشوة السيطرة على محافظة الموصل الى خوف وذعر وارتجاف لهم ولمن يقف خلفهم، فهي سبق وان حذرت أصحاب القرار من التقصير بحقوق المواطن، وعدم رضاها عن عملهم، لذلك فان أخطاء الساسة التي كان همها الأول والوحيد هو كيفية الحصول على المناصب والمكاسب في الدولة، بتقريب غير الوطنين من البعثيين وإذنابهم ، فاليوم تطوع الشعب بأغلبيته ومن ضمنهم رجال دين ورموز تقلدوا الزي العسكري واحتضنوا المتطوعين ، حتى تساءلت بعض المصادر الإعلامية الغربية الم يكن خطاب هؤلاء معتدلا بالأمس مالذي جرى؟!، إنها فتوى المرجعية التي وحدت الأمة وزادت القوة والخطاب الوطني الموحد، بينما نشاهد الأقزام في الطرف الآخر ، وفتواهم الخاطئة والتي تفرق ولا توحد لأنها تأتي من اجل مصالح شخصية وسياسية وأوامر من دول صهيونية، وكما عودنا القرضاوي في دعواته السابقة للدول الغربية باحتلال الدول العربية
، كما حدث في إسقاط النظام الليبي، ودعوته لإسقاط ومحاربة الجيش المصري، ولا يدعو ضد الظلم الذي يعاني منه البحرينيين والسعوديين ، وجميعنا رأى ماذ صنعت فتواه الداعشية بسوريا من اغتصاب للنساء وهدم للمدن وهلاك للحرث والنسل ، واليوم يكرر فتواه ونفاقه في العراق ، حيث وصف الدواعش بالثوار ودعى العرب والمسلمين للمشاركة فيها،ورافع الرفاعي الذي يحتضنه الإقليم مع الأسف، الذي يصدر دعواته الإعلامية الطائفية للقتل وتفريق الأمة، فيا ترى متى يميز أصحاب العقل الرشيد ما بين الثرى والثريا وبين خطاب النبوة والإمامة وخطاب المنافقين.
وللوقوف بوجه هذا المشروع ألتقسيمي واستلهاما من كتابنا العزيز(وان هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاتقون) وقوله تعالى(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وآية أخرى( إن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، وان الامة لايمكن ان تخرج من وهنها وهوانها إلا بالرجوع الى أصولها العقدية، وجذورها التاريخية، وكما إنها فرصة للجميع في المشاركة في الدفاع عن الوطن والعرض والمال والمواطن ، وفرصة للعلماء والدعاة المصلحون للتحذير من رواسب الجاهلية والتعصب ، والتأكيد على معاني الإخوة والتعاون على البر والتقوى التي تدعو لها المرجعية الرشيدة التي توحد ونبذ دعوات التفرقة ومطلقيها.
https://telegram.me/buratha