المهندس زيد شحاثة
على مر تاريخ المرجعية الدينية, كان لها دور مؤثر جدا في الحياة العامة للناس.
قديما وبالرغم من هذا الدور, كانت المرجعية تتجنب التدخل في الحياة السياسية, إلا ما ندر, وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة, أو ما يتطلبه حفظ الدين الإسلامي, فكيف بالشأن العسكري؟!.
بعد سقوط نظام الطاغية العام 2003, ولضغط الشارع وطلبه, وخلوا الساحة, صار دور المرجعية اكبر, ومؤثرا أكثر في الحياة العامة للشعب العراقي, إلا أن المرجعية بقيت لا تتدخل في الشأن السياسي, إلا في الأمور والقضايا الهامة والحساسة, فتقدم النصح والإرشاد, وحسب ما تقتضيه المصلحة, وبناء على حكمتها وتكليفها الشرعي.
أظهرت الأحداث الأخيرة, وما جرى من سيطرة البعثيين والتكفيريين على مدينتي الموصول وتكريت, وبعض القرى الصغيرة حولهما, أهمية دور المرجعية في توحيد الصفوف, والأخذ بزمام المبادرة, وتطمين وتهدئة النفوس, وشد العزم ورفع الهمة, وحث الناس للدفاع عن وطنهم من الخطر الداهم.
كان موقف المرجعية وبيانها, درسا رائعا في كيفية استظهار واستنهاض مشاعر الوطنية الكامنة في نفوس الناس, تلك الوطنية التي دفنها النظام البعثي, بالحديد والنار والقمع والموت,ومحاولات الإفساد وبشتى الطرق للمواطن العراقي,درسا ربما يستحق أن يدرس..ويدّرس.
خلال تلك الأحداث مباشرة, كان جو من القلق والترقب يسود الوضع, لكن بيان المرجعية والاستجابة الفورية والعملاقة, من الكثير من القوى والأحزاب الوطنية, ومن المواطنين البسطاء, قلبت الميزان, بل وصارت ردة الفعل تلك سلاحا رادعا ورسالة واضحة, وأظهرت قوة وتماسك العراقيين, ومقدر ما يمكن أن يصلوا إليه في طاعة المرجعية.
لم نشهد من المرجعية إلا مواقف الحكمة والنصح والإرشاد والرعاية الأبوية, لكننا اليوم شهدنا منها موقف القوة والثبات, والدفاع عن أبنائها, واستنهاضهم للدفاع عن الدين والوطن.
يخطئ كثيرا من يظن أن الشعب العراقي ضعيف, ويخطئ أكثر من يظن أن المرجعية لا يمكنها أن تقلب السحر على الساحر, وتقلب موازين أي مخطط يعد للعراق.
https://telegram.me/buratha