يقف المجتمع الشيعي اليوم امام حالة مرضية عامة واحيانا خاصة تتجلى مظاهرها في حالات الاقصاء والتكفير وحتى الاسقاط دون الالتزام باي من المعايير الاخلاقية حيث يسعى كل طرف ان يقصف الطرف الاخر بمختلف القذائف والصواريخ الاعلامية لاثبات حق لم يزل يختلف حتى الكبار من المتشرعين على ان يكون هذا الطرف هو مطلق الحق والطرف المقابل مطلق الباطل !
قد يثير عنوان "الصراع الشيعي الشيعي" البعض معتبرا ان مجتمعنا مجتمعا عصاميا او خاليا من السلبيات التي لا تستحق مثل هذا العنوان وهذه اليافطة العريضة التي مازالت في نظر الكثيرين موضع الخلاف والتسائل كون ان الصراعات في المجتمعات ظواهر طبيعية وحالة صحية استنادا الى بعض المرويات او الايات القرانية " ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم فيما اتاكم" دون ان يعطي هذا البعض لنفسه عنان البحث والتعمق في مفاهيم هذا النوع من الصراع رغم ان القران الكريم قد وضح الكثير من المواقف والمفاهيم حول مسئلة الخلاف والتفرق وماشابه لذلك جاء في القران الكريم ما يزيل مثل هذا الغموض ويضع حدا للمناكفات الجدلية البيزنطية ويضع فاصلا بين الاختلاف والفرقة في الجماعة الواحدة او الامة الواحدة وفقا لتصنيفات المجتمعات البشرية والدينية ..
يقول القران الكريم :
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم "
هنا يضع القران فيصلا بين الاختلاف وبين الفرقة التي يحاول البعض اللعب في المفاهيم وتفسيرها لصالح مواقف سياسية او اهداف فئوية او جهل بالحقائق .
وفي اية اخرى يقول القران الكريم :
"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات "
"وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "
ولعل الاية الاخيرة توضح بشكل اكثر وتعطي تفسيرا اكثر لحالات الخلاف والنزاع التي تم التحذير منه تلك الحالات التي تخرج من اطارها الخلافي والاختلافي لتصل الى مرحلة النزاع والصراع وهي من اشد واخطر المراحل التي قد تمر بها الممجتعات البشرية وتحديدا هنا نخص المجتمع الشيعي الذي يسعى فيه البعض تجيير الخلاف والاختلاف لتحويله الى نزاع ينذر بمواجهات على كل الاصعدة سياسيا ودينيا وثقافيا واعلاميا .
في الاونة الاخيرة برزت تيارات في المجتمع الشيعي تسعى استغلال الاختلاف القائم بين الاطراف الشيعية في مسائل خلافية واجتهادية وحول قضايا كل طرف يجتهد وفقا لمنظوره الفقهي والاجتهادي في انها اطار عملها واهتمامها واولوياتها دون الاطراف الاخرى التي تجد في هذا التوجه مروق وخروج وانحراف عن "الدين" و "المذهب" رغم ان كل الاطراف ترى في نفسها بانها حامية للمذهب والشريعة !
هذه التيارات رغم اقليتها الا ان لها دور بارز في التحريض والتشويش والتشويه وخلق جو من النزاع الذي لا يستفيد منه الا العدوا التكفيري والوهابي الذي يجد في مثل هذه الظاهرة منفذا للتأثير على الضعفاء وبث سمومه ..
ففي ايران برز تيار وهو قديم الا انه يتلون بكل لون ويركب كل موجة تارة باسم "الوحدة الاسلامية" وتارة باسم "انصار حزب الله" وتارة باسماء "ثورية" لا يملك رؤية واضحة في امور الدين والتشيع سوى ما يمليه عليه الفكر التعجيزي الذي كان معروف به هذا التيار منذ ثورات المشروطة في ايران ثم ثورة العشرين في العراق وامتداداته التي تلاقحت تاريخيا بين البلدين رغم الاختلاف اللغوي الا ان المرجعية الشيعية الرشيدة كانت بكل مشاربها جزءا من تلك الثورات حتى جاءت الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الامام الراحل والتي كانت بذورها نبتت في احداث 15 خرداد (حزيران )المعروفة والتي حاربها ذلك التيار بمختلف الوسائل ولم يترك وسيلة "شرعية" وغير "شرعية" الا وتوسل بها وتحالف مع الشاه تحت عنوان "محاربة البهائية" الا ان سهامها كانت موجهة ضد المرجعية الشيعية الاصيلة سواءا تلك التي كانت في النجف او التي برزت في قم ثم انتقلت الى العراق .
هذا التيار يتقاطع مع تيار القواطع والحسني وغيرهم من ادعياء المهدوية وهم في الحقيقة ليسوا الا اعداء للمهدوية الاصيلة هدفهم خلق بيئة صالحة للاقتتال الشيعي الشيعي واستغلال نفوذهم في مفاصل الدولة الايرانية وباسم الوحدة الاسلامية لضرب المرجعيات الشيعية في النجف وايران من اجل مرجعية متخلفة وبائسة تعمل في الظلام لا تعترف لا بمرجعية الامام الخامنئي ولا بمرجعية مراجع قم المعروفين ولا بمرجعية الامام السيستاني وكبار مراجع العراق حفظهم الله ، فهم يرفعون راية "الاعلمية" لمرجعية ايران الا ان هدفهم ليس الا ضرب هذه المرجعية وغيرها من المرجعيات الرشيدة الشيعية من اجل وصول الى هدفهم الخبيث والاستيلاء على السلطة والافساد في الارض من اجل اجندة كانوا ومازلوا متمسكين بها تتلخص في نشر الخراب والفساد والنزاع حتى يسرع في نظرهم ظهور "المهدي" عج الشريف ..
يتبع..
https://telegram.me/buratha