بقلم : سالم مدلول الحسيني
يروى أن أسداً خرج ذات يوم من عرينه وقد بلغ منه الجوع مبلغاً عظيما فجال ببصره حول الغابة فلم يجد فيها سوى ذئب هو الآخر كان جائعاً يبحث له عن فريسة فأومأ الاسد اليه أن أقبل فأقبل خائفاً مطأطأ برأسه قائلاً لبيك عبدك بين يديك فقال له الأسد أحسنت الأدب أيها الذئب ولكن لولا لعنة الجوع لتركتك فأعوذ بالله من الجوع ضجيعاً لابد لي من أكلك فقال له الذئب مولاي ابا خميس إنَّ لحمي لمرٌّ وإنِّي لكبير ولكن ما رأيك إن تركتني أن آتيك بأرنب فلحمه ودمه أطيبا من لحمي ودمي قال الأسد : لا مانع ولكن إيَّاك أن تحدِّث نفسك بالهرب . قال : وهل يتسنى لي ذلك ( ودرب الجلب عالكصاب ) فلما إذن له بالذهاب توجه نحو حفرة يسكنها أرنب فقال له ايها الأرنب لقد جمعَنا اليوم الأسد فخطب بنا خطبة مودع طلب منا فيها براءة الذمة ثم نظر في وجوه الحاضرين فقال مالي لا أرى الأرنب أم كان من الغائبين قال : وماذا يريد مني ؟ قال لقد طلب من الجميع أن يبرئه الذمة فتفقدك وأرسلني بطلبك فما أنت قائل ؟ قال الأرنب : لا اظنُّها إلا خدعة تحتال بها عليَّ ؟ فاقسم له بالله انه لصادق ، فما كان من الأرنب إلا أن انطلت عليه حيلة الذئب فذهب معه إلى حيث يكون الأسد ، فلما تراءى الاثنان للأسد قال بابي أنت وأمي يا أبا سرحان لايفعلها غيرك ، وما أن وصلا حتى انقض الأسد على الأرنب يريد ان يأكله ففر الأرنب بأعجوبة من بين مخالب الأسد ، فما كان من الاسد إلا ان امسك بالذئب قائلا : يا ابا سرحان إن الفرصة تأتي مرة واحدة وقد أعطيتكها فلا تلمني ياصديقي اذا أكلتك فإن الجوع كافر .
قال الذئب : مهلا مهلا يا ملك الغابة حبذا لو أعطيتني فرصة أخرى فإنني على الإتيان به لك لقادر .
قال الأسد : هيهات هيهات أن يعود الأرنب لمثلها بعدما رأى الموت بعينه إلا أن تكون ساحراً ولست كذلك .
قال الذئب : ولما لاتقول إلا ان يكون الأرنب أحمق او بلا عقل ؟
قال حججتني لذلك سأمنحك فرصة أخرى ولكن اعلم أنها الأخيرة .
قال الذئب : سمعا وطاعة لك مولاي سآتيك به .
فلما عاد الذئب الى الأرنب قال له : لقد أخزيتني أخزاك الله !! مالك ففرت من بين أحضان الاسد وقد أراد أن يقبلك ويطلب العفو منك ؟
قال الأرنب : انك تكذب فالأسد أراد ان يأكلني لولا فراري .
قال الذئب : لو كان الأمر كما تزعم فلماذا لم يأكلني وأنا أكثر منك لحما ؟
وهنا صدق الأرنب ما قاله الذئب فعاد معه الى الأسد الذي استعد هذه المرة للانقضاض على الأرنب فأرداه صريعاً بضربة واحدة واخذ يأكل أعضاءه الواحدة تلو الأخرى ، فبينا هو منشغل بذلك التقط الذئب قلب وكليتي الأرنب فأكلهما ، حتى اذا فرغ الأسد من الأكل الأرنب التفت الى الذئب قائلا : ابا سرحان اين القلب والكلى ؟ قال له الذئب : مولاي لو إله كلب وجلاوي جان ما جبته إلك مرتين ؟؟؟
ان هذه القصة على وجازتها تبين لنا حال أولئك الذين ينخدعون المرة تلو الأخرى بالكلام المعسول والخطابات الرنانة والوعود الوردية فينتخبون نفس الأشخاص الذين وعدوهم بإحلال الأمن وتوفير الخدمات والسكن وتعيين العاطلين وتحسين الكهرباء والقضاء على الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية فلم يتحقق من ذلك شيئ ، فما كان من اصحاب الاقلام المأجورة وابواق الحكومة الفاسدة الا أن قالوا للشعب الذي صدَّقهم في المرتين السابقتين ( عمي مايخلونه يشتغل ) فهل سيصدقونهم مرة أخرى كما فعل الأرنب الأحمق ام أنهم فهموا اللعبة وادركوا الحقيقة ؟؟؟ الكلام لعموم الشعب وليس للمستفيدين .
https://telegram.me/buratha