المقالات

عادل عبدالمهدي .. حلول لمفاهيم خطيرة

823 16:31:00 2011-12-30

د علي الذهبي

الطائفية مرض خطير يهدد المجتمعات ،وقد كثرت الطروحات والافكار التي تحاول ان تشخص العلاج لهذا المرض ولكنها كانت تدور حول ذلك باطار عام ، ولم تدخل الى جوهر مشكلة الطائفية وفرز المفاهيم التي يمكن ان تداخل معها وهي ليست منها ، غير اننا نجد في طروحات نائب رئيس الجمهورية السابق السيد عادل عبد المهدي تشخيصا علميا وموضوعيا لداء الطائفية ، اذ شخص الداء وبين واعطى الدواء باسلوب رصين خبر المجتمعات وتعمق باساليب حياتها، وتكمن قوة طروطات عبد المهدي من خلال واقعية حلولها ، وواقعية نظرتها ، فلم تقف عند النقد بل اعطت الحلول ،اذ فرق عبد المهدي تفريقا دقيقا بين الطائفية والولاء بحج عقلية مبهرة لم يتطرق اليها باحث من قبل ،فيقول في مقال له نشر في افتتاحية صحيفة العدالة والتي حملت عنوان(الولاء ليس الطائفية)في ذلك(يخلط كثيرون بين الطائفية والولاء.. فلكل انسان ولاؤه وعقيدته التي يفتخر ويعتز بها ويمارس طقوسها وشعائرها.. هذا حق له.. يجب ان توفره وتحترمه القوانين والسلطات العامة.. ويحترمه الاخرون بعضهم ازاء بعض.. فلو تعاملنا مع الطائفية كعقيدة وولاءلإتهمنا جميع سكان الارض بالطائفية.. فلا يوجد انسان لا ايمان او عقيدة له.. فحتى من يقول بعدم ايمانه فهو يؤمن بشيء له طقوسه وشعائره ونمطياته. فالطائفية ليست الدين والمذهب والفرقة والطريقة والعقيدة.. الطائفية -كما نتداول معناها هنا- انكار حق الاخر، واخراجه من «الجماعة» او «المدينة» بالمعنى الحقوقي ان لم يكن الجسدي، وجعلهم من «الميتيك» كما في تعابير الاغريق، او «العبيد» و»الغرباء» الذين لا يتمتعون بنفس حقوق الجماعة كما في ادبياتنا وتاريخنا. وهي جعل الناس من مستلبي الحقوق.. او من مواطني الدرجة الثانية.. او من الشرائح المهمشة الذين ان لم تمنعهم القوانين من حق المساواة والمواطنة الكاملة، فتمنعهم التطبيقات من التمتع بحقوقهم التي تقول بها الدساتير والشرائع. بل هي قد تصل لانكار حق التواجد والحياة.. اما بالتهجير والطرد والاقصاء، او بالقتل والمجازر الجماعية وحروب الابادة.. والامثلة على ذلك كثيرة. وكل ما يؤسس لمثل هذه النتائج ويمهد لها فكراً او ممارسة.. ولالغاء مبدأ المساواة في الحقوق المدنية، والمواطنة، وامام القانون فانه يؤسس للطائفية باشكالها المتعددة.فالدين والمذهب ليس طائفية.. والولاء لال البيت (عليهم السلام) والتأسي بهم واحياء ذكراهم ليس طائفية.. وان يسبل المصلون او يتكتفون او يرسمون علامة الصليب على صدورهم ليس طائفية.. الطائفية الاخضاع والنفي باداة الدولة او بالقهر الذي تستخدمه الجماعة ضد غيرها.. وعدم الاعتراف بالاخر بهدف الاستيلاء والهيمنة والتفرد.فالولاء لفكرة او معتقد والدفاع عنه حق ما دام للاخر نفس الحق.. وما دام ذلك كله يدور في الحقوق المتبادلة وفي اطار الدستور والحقوق المدنية الخاصة والعامة.. ودون تمييز او اكراه حسب الدين والمذهب والقومية والمعتقد. فالمبدأ ان يقف الجميع متساوين امام القانون وميزان العدالة الذي لا يميز او يفرق بين احد.. يقول امير المؤمنين (عليه السلام )"اعرفوا الرجال بالحق ولا تعرفوا الحق بالرجال".. ويقول الامام الشافعي "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)كما نجده في محور اخر من هذا الموضوع يحذر من خطر تلبس الارهاب بالطائفية ، ويميز بين الارهاب والطائفية ، ومع وجود ذلك التمايز فانه يعد الطائفية والارهاب خطرين عظيمين ، فيقول في مقال له نشر في افتتاحية صحيفة العدالة والتي حملت عنوان (الارهاب والطائفية.. ايهما الاخطر؟ )(الطائفية والارهاب خطران عظيمان ان اصاب احدهما امة هددها في كيانها ومستقبلها، فما بالك ان اصابها الخطران.. فالارهاب هو ليس العنف مجرداً.. بل هو صراع جماعة ضد كل الجماعات الاخرى.. انه حرب تقوم بها سلطة ضد غيرها او جماعة ضد الدولة والمجتمع.. فهي القتل الجماعي.. وحرب الابادة لمصلحة معتقد ونموذج لا يقبل غيره. انه حرب على المجتمع وليس بين اطرافه.. وعلى الاهالي وليس بينهم.اما الطائفية -ورغم التداخل- فشكلها الاخطر صراع السلطة المؤدلجة ضد جمهور يخالفها المعتقد.. او صراع طائفتين او "دينين" لازاحة او اخضاع الاخر... فالطائفية والارهاب يقودان لبعضهما ولكل منهما جذور في الاخر. رغم ذلك هناك بعض التمايزات.• الارهاب سلوك وعقيدة يمكن ان يتحد ضده الجمهور بتلاوينه.. فهو يستهدفهم، لا يميز بين دين ومذهب وشعب وقومية.. اما الطائفية فخطر ممتد ودائم وتنال جماعات كاملة، فتقود بالضرورة للارهاب ولحرب اهلية او خارجية.• الارهاب مهما عظم فهو مؤقت يمكن تجفيف مصادره، والسيطرة عليه لتعيش المجتمعات حياتها طبيعياً.. فالامم في معظمها -اذا استثنينا العراق وقلة من الدول- طورت حصاناتها وتعلمت كيف تتعايش مع الارهاب، كما تعايش الانسان مع السرطان بطرق الوقاية والعلاج. اما الطائفية فخطر، ان تجذر، فسيخترق الثقافة والعقيدة والاجيال ويشكل وعياً جمعياً لا يرى الصواب والحق الا في اتجاه واحد.. ولا يرى الاخرين الا بعين الباطل.. ليس بما يقومون به، بل بما يعتقدونه.. فالطائفية نتيجتها الارهاب تربي عليه وتنتشر به.

• ارهاب الدولة بوسائلها القمعية -داخلياً وخارجياً- تجربة عاشتها شعوب كثيرة.. لكن هذا الارهاب يمكن في النهاية ان يتوقف، بانهيار هذه السلطة او الدولة، كما حصل في اماكن وتجارب عديدة. اما الصراع على السلطة طائفياً فيقود بالضرورة لحرب اهلية او خارجية.. فبرنامجه الوحيد انهاء او اخضاع الاخر. فلا سياسة ولا اجتماع ولا اقتصاد.. بل صراع وجود لا غير.توفر لدينا وعي كاف لرفض الارهاب.. لكن وعينا لرفض الطائفية ما زال هشاً وقلقاً.. فمناخات انتشار الطائفية غير قليلة ولها محفزات كثيرة.. فهو يتغذى بالارهاب وتغذيه. وخلاف الارهاب الذي لا اجماع في دينه ولا احد يدعي تاريخه.. فان للطائفية "دينا" تتلبس به جماعات واسعة.. وتاريخ ووقائع تربي كلها على الحقد والكراهية والموت).وهكذا يعطي عبد المهدي حلولا لمفاهيم خطيرة لم يستطع الكثير من الباحثين والدارسين ان يدخلوا في صلبها وينتزعوا العلاج من داخلها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي السيد مهدي خلف
2011-12-31
قليل الكتب التي يقوم الانسان بقرائتها مرتين فما بالك بمقالة في جريدة , وهي اول مقالة اقرئها لثلاث مرات كانت مقالة الدكتور عادل عبد المهدي فيها توضيح وتنبيه ومن المهم ان يطلع عليها معظم الشعب العراقي , وشيء جميل ومهم ان يقوم كتاب اخرون بالتعليق عليها .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك