( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / ؤئيس اتحاد الصحفيين )
اتسمت اتجاهات التحرك السياسي العراقي بعناوين ومدلولات ومصطلحات ووقائع سياسية تأريخية هامة وتأتي في طليعة تلك العناوين والمدلولات، العلاقة المتجذرة والقوية بين التيارين العراقيين الاسلامي – الكردي، وربما تكون للمواقف التأريخية المبدأية التي رسم ملامحها المرجع الكبير الراحل الإمام الحكيم (قدس) من جهة والزعيم الكردي الراحل الملا مصطفى البرزاني من جهة اخرى الصيرورة التكوينية لهكذا نوع من التقارب العقائدي والسياسي القائم على ركائز انسانية واخلاقية وشرعية ووطنية غائرة في المسؤولية التأريخية اتجاه الحفاظ على وحدة هذا الوطن وتحقيق حرية ابنائه.
فالزعيم الكردي الراحل عندما رفع البندقية بوجه الانظمة الاستبدادية التي تعاقبت على حكم العراق لم يكن (رحمه الله) من دعاة القتل او التمرد او العصيان ضد الدولة ومؤسساتها العسكرية، انما انطلق بذلك الخيار وهو كاره له لضرورات املتها عليه مسؤوليته كقائد عراقي وطني لم يقبل بالاقصاء والتهميش والالغاء الذي تعرض له الكرد طيلة عقود طويلة، وكان يرى ان اعتماد خيار المواجهة المسلحة مع السلطة ، خياراً اخيراً بعد ان استنفد كل الخيارات السلمية التي اراد من خلالها دمج الشريحة الكردية بالحياة العراقية العامة سواء السياسية منها ام الاجتماعية.
هذا الخيار لم يلق آنذاك أي نوع من انواع الدعم الوطني الشرعي عدا الموقف التأريخي الذي تصدى له الإمام الراحل المرجع الحكيم (قدس) عندما اعلن فتواه الشهيرة بتحريم سفك الدم الكردي، بل وان سماحته كاد ان يفتي بالجهاد ضد الانظمة تلك فيما اذا ضغطت باتجاه تحريف الفتوى.
لا شك ان تلك المواقف هي التي اسست لهذا النوع من التحالف الاستراتيجي المتين بين التيار الاسلامي العراقي والتيار الكردي خصوصاً في حقبة البعث المخلوع حيث كان لهذين التيارين الامتياز الوطني الاساس بتشكيل الاطر السياسية والميدانية لمواجهة نظام صدام خصوصاً في نهاية عقد الثمانينيات وقد لعبا هذان التياران الدور الرائد في جمع وتوحيد جهود القوى السياسية العراقية المناهضة لزمرة البعث عبر مشروع لجنة العمل المشترك ومؤتمر صلاح الدين الاول والثاني وما رافقهما من مؤتمرات في عواصم اخرى.المهم في كل ذلك ان ما قدمه التياران الاسلامي – الكردي للمشهد العراقي من مواقف كانت دوماً وابداً تسير باتجاهات متوازية مع مواقف واتجاهات القوى السياسية الوطنية الاخرى من اجل تحرير العراق من الظاهرة الاستبدادية المستديمة وقد تكللت تلك الجهود بصناعة عراق جديد قائم على اساس الثوابت الوطنية التي حددها الشريكان وباقي القوى العراقية المخلصة والتي يأتي في مقدمتها الشراكة التعددية والتداول السلمي للسلطة واحترام مبادى وقوانين حقوق الانسان.
لاشك ان اللقاء الاخير الذي جمع بين الزعيمين الحكيم والبرزاني في بغداد كان يمثل الذروة في مجالات التفاهم والتنسيق وتوحيد المواقف ازاء كل ما يخدم بلدنا وشعبنا بكل مناطقه وشرائحه وصولا لتحقيق الاهداف الوطنية الراسخة التي سعى الى تحقيقها الطرفان منذ عشرات السنين.
https://telegram.me/buratha