المقالات

هل سينجح المالكي في ادارة دفة الحكم؟

774 09:45:00 2010-10-10

بقلم محمد دعيبل كاتب واعلامي

أكثر من 7 أشهر من اجراء الانتخابات البرلمانية ولحد الآن ،والمشروع السياسي في العراق يمر في أزمة خانقة قلما تجد لها مثيلاً في العديد من دول العالم ،كون هذا البلد قد ولج في عالم الديموقراطية منذ سقوط النظام الدموي عام 2003م ولحين كتابة هذا الموضوع ،الا انه في الواقع يمكننا أن نصف المشهد السياسي لدولة العراق الجديد بالمنحني المنغلق على نفسه دون أن يجد له منفذا للخروج من الازمة وكأن السماء اسقطت كسفها والارض زلزلت من تحت اقدام الساسة العراقيين،فلم تدع لهم رأياً راشداً ولا منبعاً رافداً يهدي إلى حل أويكن إلى قرار,ولعل السبب الرئيس الذي يحول دون ان يتفق الساسة على رأي هو اتفاقهم على عدم الاتفاق ,فمن المؤسف جدا أن يتشبث زعماء الكتل السياسية الفائزة بالمناصب السيادية دون التفكير بالمصلحة الأعم للشعب الذي قدم ويقدم الكثير من التضحيات دون رد فعل يراه من قبل الدولة ،هذا والحكمة الالهية تقول" هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟" , وبعد التيا والتي تحدثت قنوات الاعلام عن بصيص أمل لاح في الافق قد يكون حلاً جزئياً للازمة ،كما تراه الجهات المتنفذة في السلطة حينما تم ترشيح السيد المالكي لولاية ثانية لرئاسة الحكومة، ولكن المترقب للحدث السياسي في العراق لم ير أن هذا الامر يعد في الواقع حلاً كاملاً يمكن ان يخرج العراق من العواصف السياسية والتي تعصف به يومياً حتى اذا حلت ساعة الصفر فلا تذر منه الا قاعاً صفصفاً وهشيما تذروه الرياح ،والحق أقول انه في الوقت الذي يرحب أبناء الشعب وقادته المخلصون بكل خطوة يمكن ان تؤول إلى ان ترسي سفينة البلد على الجودي فانه يتحتم على أية شخصية ترشح لرئاسة الحكومة سواء كان السيد المالكي أم غيره تقع على كاهله عدة واجبات يجب عليه تنفيذها كلا بكل,ويمكنني عزيزي القارئ أن أبين هذا جليا من خلال ذكر المحاور التالية:المحور الاول: معالجة الملفات الساخنة:وهنا أود الاشارة الى العديد من الملفات التي لازالت ساخنة دون أن ترى حلاوة الانجاز ،ولو بنسب معينة ،ولازالت تعاني من سياسة الاهمال على الرغم من كثرة القال والقيل حول انجاز البعض منها على الساحة ،الا انه من الحقيقة بمكان فان كل الذي انجز ليس له نسبة بالمقارنة مع حقوق المواطنين مع امكانية توفر الحلول الناجعة لاغلب المشكلات وبطرق علمية لما يمتلكه البلد من قدرات متميزة فاقت قدرات الدول الاخرى في هذا المجال.1- الملف الامني:اذ لازال هذا الملف معقداً يفتقد المزيد من الخبرة ومسك الارض وقدرة التفاعل مع المجرمين والقتلة بكل جدية وفاعلية ،ولعل السبب يكمن في ضعف الجهاز الاستخباراتي من جهة ولعدم تفعيل المؤسسة القضائية لمحاكمة المجرمين وانزال الحكم العادل بحقهم من جهة ثانية ,ولعل تسييس القضاء هو الآخر سبب فاعل في تفكيك الملف الامني وهيمنة الارهاب على سلطة القانون في دولة من المفترض ان يكون القانون فيها حاكما لامحكوما.2- ملف الخدمات والاعمار :ان الحديث عن هذا الملف بالذات يجرح القلوب ويشجي النفوس ،اذ لازال واقع حاله في خبر كان وكأن العراق لايمتلك مقومات النهوض،وليس لديه من الثروة المالية والبشرية كي يتمكن من اغلاق هذا الملف الذي أوقع العراقيين في حيرة من أمرهم وأوصلهم إلى حالة العجز،فازمة السكن وانهيار البنية التحتية،وظاهرة انعدام توفير مفردات البطاقة التموينية التي باتت الهوية المعاشية لاغلب المواطنين مع توفير الاموال الكافية من قبل وزارة المالية وهذا بحد ذاته بثير الشكوك لدى المواطن ،كما ان فقدان الخدمات الاساسية كالماء والكهرباء والوقود وخلو الساحة العراقية من ميادين الاعمار الحقيقي الذي من شأنه ان يظهر تقدم البلد ونهوضه مقارنة بالبلدان الاخرى،وعدم وضع الحلول الناجعة لانتشال ظاهرة الفقر ،كل أولئك لم يصل الى درجة النجاح في الاختبار ان أنصفنا القول، ولو ان البعض يرى تحقيق جزءا يسيرا من ذلك الا ان نيل النجاح كما ذكرنا لم يحصل بعد.و لعل غفلة أبناء الشعب وكثرة مشكلاته هونت عليه الرزايا مما جعلت منه يتصف بالرضا عن كل سلبية يفعلها الجهاز الحاكم بحقهم شأنه كما كان ابان العهد الطاغوتي قبل التحرير ،ولعل زيادة الضرائب إلى مستوى الخيال ،كجباية ضرائب الماء والكهرباء مع عدم توفرهما أدل دليل على ابتعاد هذا الجهاز عن تحقيق متطلبات الشعب والاحسان اليه بعد ان أحسن الاخير لحكامه من خلال اختياره لهم وتقديمه الغالي والنفيس تحقيقا لهذا المطلب .3- ملف الفساد الاداري والمالي:لقد شهدت حكومة المالكي مشكلة عويصة أدت إلى انهيار في الهيكل المؤسساتي للدولة سواء على المستوى الاداري من جهة،وهدر الاموال العامة مما نسميه بالفساد المالي من جهة ثانية مما أربك نظام الدولة ووضع العراق في مقدمة الدول التي تتميز بارقام عالية أدخلته في موسوعة غينتس من ناحية انتشار ظاهرة الفساد الاداري والمالي ،وهذا يتطلب بطبيعة الحال من رئيس الحكومة المقبلة استحداث برنامج عمل منهجي للقضاء على هذه الأزمة السرطانية التي جعلت من دوائر الدولة هشة ضعيفة لاحول لها ولاقوة،في الوقت الذي أدت هذه الظاهرة المقيتة الى سرقة أموال الشعب وافلاس خزينة الدولة ،اذ لايمكن للحكومة الجديدة معالجة هذا الموقف المخزي الا من خلال تفعيل الدور الرقابي ووضع الاشياء موضعها ومعاقبة المفسدين وفق مواد القانون .4- ملف التعيينات والقضاء على البطالة:لايمكن لأي حكومة مقبلة ان تنجح جل نجاح الا من خلال العمل الجاد في بناء هيكل الدولة على المستويين العمودي والافقي فلا زال العراق يعد بلداً نامياً يعتمد كلاً بكل على المستورد مما اضعف وبشكل كبير مستوى الانتاج سواء الزراعي منه،أم الصناعي ،أم غيرهما ولذا فان البلد بحاجة ملحة إلى خطة علمية لاستحداث مؤسسات صناعية ،زراعية أو تجارية واستثمار الطاقات البشرية لهذا الغرض وايجاد فرص التعيين تحقيقاً للقضاء على البطالة والتي قد تسهم بدور كبير في زيادة مساحة الارهاب وانتشار الفساد او انتشار ظواهر السرقة كما تسهم ايضاً في زيادة سرعة عجلة الفساد الاداري والمالي مما يصعب ايقافها يتعجيل معين ولهذا الملف علاقة وطيدة بالملفين 2و 3,وفي الحقيقة ان الكلام عن بلد كالعراق يمتلك من الثروات ما لايمتلكه بلد آخر تعطيه الاولويات في أن يعتمد على برنامج اقتصادي متكامل يحد من ظاهرة الاستيراد وينضج المنتج المحلي وعلى جميع المستويات ,كما ان الموقع الجغرافي لهذا البلد وما يمتلكه من موارد سياحية تؤهله لأن يكون من البلدان المتقدمة لا النامية وهي بطبيعة الحال يمكنها ان ترفد ميزانية الدولة بأموال طائلة تقوية للبنية الاقتصادية في البلد.5- ملف المنظومة العلاقاتية :ينبغي أيضاً على الحكومة المقبلة ان ترعى مسألة العلاقة الجدية بين البلد ودول الجوار وكذا الدول العربية والاجنبية ،ويمكننا تمثيل العراق بأحد العناصر الفاعلة التي ترتبط مع نظيراتها بمزايا كيميائية كما هو الحال بالنسبة للجدول الدوري في علم الكيمياء ،ولكن النهج الذي ترسمه الحكومة المقبلة يجب ان يخضع إلى ضوابط يحددها سلوك تلك الدول مع العراق من حيث اعتماد سياسة التعاون بين البلدان وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل بلد ،ولعل هذا المحور يتطلب من رئيس الحكومة المقبلة التفاعل المهني مع هكذا ملف وفق مصلحة البلد وعدم الانجرار لسياسة دولة اخرى واعتماد اليه التبادل الثقافي والعلمي في العلاقات الخارجية لمصلحة كل بلد ،ولا ارى ان هذا المحور يتصف بشيء من السهولة ،ذلك لأن دول الاقليم على سبيل الممثال اعتادت ان تتدخل في سياسة العراق كسبا لمصالحها الخاصة،ولا اريد التفصيل في هذا الكلام لأنه يخرج الموضوع عن محله سوى انني ابغي الاشارة إلى ان "أي حكومة يراد لها ان تنجح فيما بعد لابد لها ان تولي هذا المحور بشيئ من الاهمية وأن تضع حجر الاساس لبناء منظومة علاقاتية مع الدول المجاورة وغيرها شريطة ان لاتتجاوز مرحلة التعدي على الآخر والاضرار به.المحور الثاني: تشكيل الحكومةبقي لدينا ما نود أن نبينه للقارئ الكريم من أن مسألة تشكيل الحكومة المقبلة يجب أن تخضع لمعادلة رياضية يمكن حلها بالطرق المتوفرة ، وتلكم المعادلة تعتمد على عدة معطيات تمتاز بالموضوعية والمهنية،اذ ان الاشارة إلى حكومة شراكة وطنية لابد من أن تتخذ منهجاً قويماً من خلال الاعتماد على آلية علمية وعملية لأختيار الشخصيات الوزارية وتقديم الكفاءات أوما نسميه بالتكنوقراط والابتعاد عن المصالح الحزبية والفئوية كما هو الحال في الحكومة المنتهية ولايتها ،فالكل يعلم ان الحكومة انذاك اعتمدت مبدأ المحاصصة الحزبية مما افقدها هويتها الاصيلة وأدخل البلد في "حيص بيص" وذهبت أمال الشعب وتطلعاته أدراج الرياح ،فلا شيء قد تغير ولا تبدلات من سيء إلى حسن الا شيء يسير لا يعد ان يذكر قبال المساحة الواسعة من احتياجات البلد والذي اشارت التقارير الى انه عد الان في مصاف البلدان التي تفتقد أبسط مقومات الحياة الحرة الكريمة مع انه يعيش نظاماً ديموقراطياً قد يعد من احدث الانظمة الديموقراطية في العالم ،مما يشكل نسبة التضاد بين الحالتين المتقابلتين ،ولعل السؤال الذي يحير العقول هو "كيف يناشد الساسة في هذا البلد العالم لأن تتعامل مع العراق كبلد ديموقراطي وفي نفس الوقت يعاني ابناء شعبه من الحرمان والفقر والضعف والجمود وما الى ذلك من سلبيات.ثم ان ارضاء الكتل السياسية الاخرى من قبل مرشح رئيس الحكومة ومقبولية هذه الشخصية عالميا وعربيا هو الاخر له صلة بتشكيلة الحكومة ومدى قدرتها في هذا المجال ولذا فان الحل الامثل للخروج من الازمة هو حكومة الشراكة الوطنية التي اشرنا لها سلفا والتي نالت استحسان الجميع ،وبالتالي فان اي حكومة وايما كانت لا تتصف بالقوة ولا تحمل مقومات النجاح ولاتفي للشعب - الذي هو بمثابة الرعية- بالوعود التي قطعتها سلفا، ولا تولي جل الاهتمام لكل ما ذكرناه ، ولا تنجز ما عليها من واجبات ارضاء للمصلحة العامة ،ولا تؤمن بالثوابت - والتي من خلال الالتزام بها "وفقط" يمكن للعراق ان ينهض ويتقدم ووو... الخ- فهي حكومة فاشلة تضع البلد في مسالك الهاوية وتميت وحي الحياة التي شاء الله تعالى بان تعود لابناء الشعب بعد سنين طوال من السبات والرقود.وبالتالي فان من يرتقي دفة الحكم ويحصل على الغنيمة فان عليه الغرم "من له الغنم فعليه الغرم " وصدق رسول الله (ص) حينما قال "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك