المقالات

بعثي ... لم تتلطخ أياديه بدماء عائلتي ( 18 )

1529 01:04:00 2010-09-27

بقلم : لقاء جلال

اشكر الأخوان في الحركة الشعبية لاجتثاث البعث على مساعدتي في كتابة ما أمليته عليهم من مأساة ومعانات إضافة إلى ما قدموه لي من اجل حل مشكلتي التي استمرت لأكثر من ثلاث وعشرين سنة .

القصة :

كنت في الصف الأول ( ابتدائية الدهانه للبنات ) تقع هذه المدرسة على مقربة من بيتنا ضمن الأحياء المحصورة بين شارعي الجمهورية والكفاح في وسط بغداد ، الطابع العام على أكثر هذه الأحياء هو معارضتهم للنظام ألبعثي السابق إضافة إلى أن اغلب سكان هذه المناطق ينتمون إلى القومية الكردية الفيلية الذين صنفهم النظام البائد على أنهم طابور خامس أي ( جواسيس ) إلى إيران .

في شتاء عام 1985 كنت عائدة إلى البيت بعد انتهاء دوامي في المدرسة بحدود الساعة الثانية عشر والنصف ظهرا ، كنت حينها في الصف الأول الابتدائي ولما دخلت إلى البيت رأيت والدتي تلطم على جثة جدتي المتوفاة بعد تعرضها للسكتة القلبية عن عمر ناهز الثمانين ، أدهشني المظهر ولكن الذي زاد دهشتي هو وجود البعثيين ( بلباس الجيش الشعبي ) يحيطون بوالدي بعد أن قيدوا يديه والكل يوجه له لكمات بالدور وكأنهم يؤدون ما عليهم من واجب رسمي هو توجيه اللكمات إلى وجه والدي رحمه الله .لم استطع الخروج بصورة معينة واضحة المعالم مما شاهدته سوى موت جدتي الذي لم يغب عن ذهني بسبب تعلقي الشديد بها رحمها الله .بعد هذا الموقف اقتيد والدي إلى مصيره المجهول وأما جدتي فقد تكفل الحاج أبو حميد صاحب الدكان القريب من بيتنا وبعض الجيران بحملها والتوجه بها إلى مقبرة النجف الاشرف ، وبعد ذلك لم أتذكر سوى الصراخ والعويل ثم النوم في تلك الأجواء الغامضة .في الصباح شاهدت نفسي في سجن مكتظ بالنساء والأطفال .لا يمكن لي نسيان ليلى الفتاة التي مزق السجانون ملابسها أمام أعيننا جميعا بمنظر مروّع لا يمكن أن يتحمله إنسان ، اعتذر للقارئ بأني لا اعرف بالضبط سبب هذا الحادث لأني لم أكن واعية لما يحيط بي بشكل يساعدني على الاحاطة الكاملة بالإحداث التي كانت تحدث أمامي .في نفس هذا اليوم وبعد أن أسدل الليل ستاره نام الأطفال ولما أصبحنا وجدنا أنفسنا بمفردنا من دون الأمهات أو أي احد من أهالينا .في اليوم التالي نُقلنا نحن الأطفال بسيارات عسكرية محاطة بالحراس إلى مدرسة في مدينة تبعد عن بغداد قرابة العشرة ساعات ، حيث خرجنا من السجن قرابة الساعة الثامنة صباحا بدلالة رؤيتي للتلاميذ من خلال نافذة السيارة وهم يتوجهون إلى المدارس ، وما وصلنا إلا والشمس تختفي خلف كثبان الرمال في منظر صحراوي موحش . كان عددنا 18 بنت ، حيث رقمنا بأرقام ، كان رقمي فيها 18 كتب على ورقة ألصقت بثوبي وكنت الأخيرة عندما يجرون التعداد ، وأما الأولاد فلم يكن على صدورهم أرقام إلا إني كنت أعدهم كلما سنحت لي الفرصة وكأن العدّ صار اللعبة التي كنت أتسلى بها ... فكانوا ( 6 ) أولاد ذكور، أكبرنا سنا ربما كانت تكبرني بثلاث أو أربع أعوام .

عندما وصلنا إلى المدرسة وجدنا الأمور مهيأة لاستقبالنا حيث الأسِرة والفرش والأغطية والطعام والحلويات التي لم نراها ولم نتذوق مثلها في حياتنا ، كانت هناك فترات بكاء تصدر منا لكن سرعات ما تنتهي بصرخة أو ضربة على الوجه إن تطلب الأمر ذلك .بقينا في هذا المكان قرابة الأربعة أيام ، كان يزورنا فيها كل صباح ضابط يحيطه الجميع باحترام كبير ويؤدون له التحية والوقار .في اليوم الرابع على ما اذكر جاء رجال بملابس عربية خليجية ، كانوا لطفاء جدا لكن فور دخولهم صار كل فريق منهم يحجز أربعة أو ثلاثة منا في جانب من جوانب القاعة .بعدها حملونا في سياراتهم التي جاءوا بها ونقلونا إلى أماكن أخرى لم نعرفها إلى أن استقر بيّ المطاف في منزل عائلة ثرية تعيش في إمارة الشارقة .صرت ابنتهم وصاروا لي الأهل والأحباب لقاء أربعة آلاف دولار تسلمها السفير العراقي في دولة الإمارات آنذاك كما اخبرني أبي ( الإماراتي ) عشت بين عائلتي الإماراتية بكل حنان الأبوة ولم يعوزني شيء سوى ذكرياتي بأمي ، وحكايات جدتي وحنانها .وأما أبي فلا اذكر شيء عنه سوى اسمه الأول ( جلال ) وأمي التي كانوا يدعونها ( أم وصفي ) وأما الجيران فكانوا ... صاحب الدكان الحاج أبو حميد والسيدة أم دلال التي لطالما سرحّت لي شعري وصديقتي ميّ بنت أم شاكر . حاولت الاستفسار وجمع الأخبار من خلال علاقتي بالعراقيين المقيمين في دولة الأمارات إلا أن محاولاتي باءت بالفشل لأني لا املك معلومات دقيقة عن أهلي أو الحي الذي كنت أعيش فيه .اتصلت بالحركة الشعبية لاجتثاث البعث من خلال موقعهم الالكتروني وشرحت لهم مشكلتي فقاموا مشكورين بالاتصال بيّ إلى أن تم اللقاء بهم في تركيا وبعد أن التقوا بعائلتي الإماراتية واستفسروا منهم عن بعض التفاصيل ومن خلال سردي لبعض الأمور التي علقت بذاكرتي توصل الإخوان في الحركة الشعبية لاجتثاث البعث إلى موقع أهلي ( ما تبقى من أهلي ) وجلبوا لي بعض صوري التي احتفظ بها أقاربي ومطابقتها بصوري الأولى التي التقطها لي أهلي ( الإماراتيين ) في الأمارات صار لديّ اليقين بأني بنت السيد جلال المتهم بأنتماءه إلى المعارضة العراقية ضد صدام حسين آنذاك والذي لا يعرف أقاربي مصيره ولا مصير أخي الذي فارقته في المدرسة التي ذكرتها أنفا ، وأما أمي فقد توفيت بعد هذا المصاب بأربعة اشهر كما اخبرني أقاربي ( العراقيين ) .هذه رسالتي لكم يا شعوب العالم .... فهل بعد هذا - حديث - عن العفو والسماح ؟!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زهراء محمد
2010-09-27
قتلوا خيرة شبابنا واستعملوا شتى الطرق منهم في الثرامة البشرية؟؟يعني هذا القذر صدام ابن النعا . شلون عقدة كانت في حياته القذرة .وهناك قتلوا بالكيمياوي في مختبرات سرية بأاشراف خبرة اوربية؟! وهناك من دفنوا احياء ،وفرق اعدامات كل ٦٠ شخص وكان اعدامهم في الساعة السابعة صباحا؟ حتى كرهت هذه الساعة وهذا الوقت، ياعزيزتي لقاء..كان الله في عونكي هناك منظمات انسانية في العراق يجب ان تتصلي بهم لمعرفة الباقي من عائلتك، ان احببتي ان اساعدك خذني ئيميلي من الاخوة في البرثا الموقرة .
زهراء محمد
2010-09-27
قرأت قصتكِ الحزينةياعزيزتي لقاء..وهيجتي مشاعري وآلامي واحزاني تلك الاحزان التي لن تمت ابداً..ففي كل سنة وفي هذا الوقت قرب شهر اكتوبر ، حيث تمر علي ذكريات أليمة وحزينة ..لكِ ولنا رب سبحانه وتعالى.. يرى وصدقيني صبره طويل ولن يفلت احد من عذابه ولو بعدحين، كل من كان له يداً في تمزيقنا ينال جزائه عاجلاً ام آجلاً..نحن صبرنا كثيرا، هل تعلمي صدام وحزبه القذر كانت عندهم عقدة الشريف والنظيف والعائلة لاانهم اكثرهم ولدوا في شوارع والدرابين لذلك انتقموا من اشراف العراق بهذه الصورة البشعة.قتلوا رجالنا وسرقوا
سمير قاسم
2010-09-27
خراب العراق ارضا وشعبا يقف وراؤه البعث , البعث حزب شوفيني يدعي القومية والعروبة وكل شعاراته اكاذيب و المفروض اجتثاث هذا الحزب من جذوره لكن ليس على طريقة علي اللامي , البعث لايجتث بقتل او طرد اشخاص كانوا يسايرون من اجل العيش كما وان الاغلبية من افراد الجيش كانوا مجبرين بل حتى هناك البعض انتسبوا الى جهات امنية لكنهم كانوا لاحول لهم ولاقوة , اعيدوا النظر باجتثاث البعث وحاسبوا بدقة واعطوا الذين تابوا بعد ان عرفوا حقيقة الماسي التي ارتكبها البعث تحت شعار الوحدة (التفرقة) والحرية (الاستعباد)
ابو علي الصدري
2010-09-27
والله يا اختي هذه قصتك تدمي القلوب ولكن فرقك عنا انه انت عشت مع عائله غنية في الامارات ولا احسدك على ذلك ربما هو قدر او رحمة لا افهم بالضبط الا اننا عشنا هنا بعد ان اعدموا اهلينا البعثيين الانجاس عشنا في فترة رعب وخوف حتى كنا نخاف من طارق الباب لضننا انه من رجالات الامن اولاد الزنا وكنا ملاحقين اينما ذهبنا فلا احد يشغلنا بدائرة لاننا كما يقولون(وشيعتنا ملطخة’ او مصبوغه) حتى الاقرباء والاخوان والاصدقاء تخلوا عنا الا القليل منهم وكأننا فينا جرب او مرض عضال واليوم ينادون بعودة الحزب الماسوني تبا له
علي
2010-09-27
البعث منظمة ارهابية دموية شعاراتها براقة تقوم على غسل دماخ الناس عن طريق الاماني والاحلام اولا وبعدها بالاجبار والترهيب ونفذ ثم ناقش فهي منظمة فاشية صورة مصفرة الى الاحزاب النازية في اوربا يجب على الدولة العراقية طرح فكرة تحريم وتجريم حزب البعث دولينا نحن العراقين لم ننجح في تسويق مشكلتنا امام العالم الى الان بالرغم من الاف الاطنان من الوثائق والجرائم التي ارتكبت بحق العراقين والى اليوم من اعمال التفجيرات والقتل اليومي علي يد البعث فعلينا ان نتعض والا سوف نمر في نفس المرحلة
حيدر العلاق
2010-09-27
والله قد المني المشهد الذي مرت به الاخت الكريمة ولم اتفاجا ابدا لهذا الفعل لانه صدر عن انسان سافل لاغيره له على اهله واقول لك يا اختي والله والله والله سوف يرون الخزي في الدنيا قبل العذاب بالاخرة لان عدالة الله عز وجل تابى ان تتركهم يعبثون بنا اكثر من هذا..حقا لم اجد كلمات لاصف بها اجرام البعث فعذرا يا اخوان
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك