احمد عبد الرحمن
اذا كانت سياسة خلط الاوراق وتزييف الحقائق يمكن ان تأتي بمكاسب وامتيازات لاصحابها، فأنها غالبا-او دائما-ما تكون وقتية وعرضة للزوال، ومن غير الممكن ان تتأسسس عليها رؤى واطروحات استراتيجية.والحملة التي اطلقها البعض ضد المجلس الاعلى الاسلامي العراقي تأتي في هذا السياق، وهي مصداق حقيقي لسياسة خلط الاوراق وتزييف الحقائق.وهنا لابد ان نتوقف عند جملة من المغالطات والتخرصات التي تضمنتها تلك الحملة حتى تتوضح الصورة ويرفع اللبس الذي يمكن ان تكون قد سببته.-فالملتقى الثقافي الاسبوعي هو في الواقع منبر سياسي وثقي وديني للتثقيف والتوجيه والتوعيه وتصحيح المفاهيم والافكار الخاطئة وتنوير الرأي العام وتشخيص مواضع ومكامن الضعف والخلل، وليس منبر للتضليل والتشهير مثلما يحاول ان يصور هذا الطرف او ذاك الامور بهذا الشكل.-المجلس الاعلى كان ومازال وسيبقى جزءا فاعلا وعنصرا محوريا في العملية السياسية، والمبادر في كل الاحوال والظروف الى طرح وتبني الحلول والمعالجات العملية والواقعية بما ينسجم مع المصالح الوطنية العامة، وبعيدا عن الحسابات والمصالح الخاصة، وقد اثبتت الوقائع والاحداث ذلك، ويشهد العدو قبل الصديق على ذلك.بعبارة اخرى كان المجلس الاعلى على طول الخط جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة.-لم تكن ارقام المقاعد البرلمانية هي نقطة الحسم في الكثير من-او في كل-التجارب الديمقراطية في مختلف دول العالم ، والعراق من بينها. ولعله كان للمجلس الاعلى مقاعد اكثر من قوى سياسية اخرى في المراحل السابقة، لكنه وشعورا منه بالمسؤولية والحرص على انجاح المشروع الوطني وادراكا منه لاهمية بناء الدولة على اسس ومرتكزات صحيحة ، منح فرصا للاخرين على حساب استحقاقاته السياسية-الانتخابية.ومن الغريب ان نجد اليوم من يتحدث عن الارقام دون ان يعود الى الوراء قريبا، والانكى من ذلك تلك المغالطات العجيبة، فهذا البعض حينما يريد ان يتحدث عن مقاعد المجلس الاعلى يحددها بهذا الكيان بالتحديد دون النظر الى حجم القائمة التي يعد المجلس الاعلى احد مكوناتها الرئيسيه، بينما حين يتحدث عن مقاعد الكيان الحزبي الذي ينتمي اليه يجير حجم القائمة الانتخابي وعدد مقاعدها لكيانه، والانكى من ذلك هو انه يحاول تسويق رقم لعدد مقاعد المجلس الاعلى بعيد كل البعد عن الواقع بحيث يتصور ان كل الناس جهلاء ولايعرفون شيئا.-والامر الاخر-الذي يعكس قدرا كبيرا من الازدواجية والتضليل هو ان القائمة التي توجه اصابع الاتهام اليوم للمجلس الاعلى بتبنيه اجندات خارجية لتفكيك القوى الاخرى كانت هي المبادرة الى فتح الحوارات مع القائمة المفترض ان لها اجندات ومشاريع تفكيكية.وحتى نكون اكثرب وضوحا فأن قائمة ائتلاف دولة القانون كانت السباقة الى ضرب المواثيق والعهود في اطار التحالف الوطني عرض الحائط، والذهاب الى الاخرين وتقديم العروض المختلفة لهم للحصول على منصب رئاسة الحكومة.-ان الامعان والاستغراق في وضع العراقيل في مسيرة العملية السياسية بسبب نزعات الانا والحسابات الفئوية والحزبية والشخصية الضيقة دون الاخذ اراء وتوجهات الشركاء الاخرين في العملية السياسية وصم الاذان عن الاصوات الداعية الى وضع حد للتصلب وابداء المرونة تجنبا للطرق الموصدة التي يعني السير بها تعريض المشروع الوطني برمته الى مخاطر يمكن ان تفضي الى انهياره بالكامل لاسمح الله، وتفتح الابواب امام الخيارات السيئة التي من بينها عودة الوصاية الدولية على البلاد من خلال ما يمكن يتخذه مجلس الامن الدولي من قرارات في جلسته المزمع عقدها في الرابع من شهر اب المقبل.-ان المجلس الاعلى لم يصر على مرشح منه لرئاسة الحكومة ، ومبدأه بهذا الشأن يتمثل في البحث في المناهج والبرامج والاداءات وليس الشخوص وبعيدا عن الاعتبارات والمعايير الحزبية الضيقة، وهو اول من ترك الابواب مفتوحة لكل الخيارات الوطنية، وكل ذلك موثق ومثبت بالحقائق والارقام الدامغة.-ان الافلاس السياسي الحقيقي هو بالاصرار على المطاليب والشروط والتشبث بالمناصب والمواقع رغم الرفض الواضح والمعلن والصريح من قبل الشركاء السياسيين، والافلاس السياسي الحقيقي يتمثل برفض مبدأ التداول السلمي للسلطة وعدمو تقبل واستيعاب حقيقة ان النظام الديمقراطي الحقيقي يمتاز عن النظام الديكتاتوري بثبات المؤسسات وتبدل الاشخاص.اما طرح المشاكل والازمات وتنوير الرأي العام وتشخيص مواطن الخلل فأنةه ليس من الافلاس السياسي بشيء ، بل انه احد ابرز مظاهر الديمقراطية الحقيقية التي يبدو ان هناك من يريد ان يتعكز عليها للبقاء على كرسي السلطة ليس الا .
https://telegram.me/buratha