المقالات

الاتفاقية الاستراتيجية مع واشنطن و 'الثمن' المطلوب !

1570 16:39:00 2008-02-19

( بقلم : اسعد راشد )

هل نؤيد عقد اتفاقية استراتيجية مع واشنطن ام نقف ضدها ؟

ماهي الضرورة في عقد مثل تلك الاتفاقية وماهو العكس اي عدم الضرورة وانعكاسات دور كل واحد منهما على المشهد السياسي العراقي ؟

ماهو موقف دول الجوار وخاصة الجارة الكبرى الجمهورية الاسلامية في ايران ازاء مثل تلك الاتفاقيات فيما لو عقدت او وافقت الحكومة العراقية وبدعم من مجلس النيابي (البرلمان) على عقدها مع واشنطن؟

واخيرا ما هو موقف المرجعية الدينية الشيعية من تلك الاتفاقيات خاصة وان اية اتفاقية من هذا النوع اذا لم تحظى برضى المرجعية الدينية الشيعية سيكون مصيرها حتما الفشل خاصة اذا علمنا ان مراجعنا لديهم حساسية كبيرة تجاه الاتفاقيات والمعاهدات العسكرية والاستراتيحية من الدول الكبرى وخاصة تلك الدول التي تحمل صفة 'الاحتلال' والذاكرة الشيعية مازالت حاضرة وتستذكر تلك الاتفاقيات التي عقدها حكام في ايران والعراق في العهود والقرون الماضية ولم تحظى برضى المرجعية الشيعية فكان مصيرها ليس الفشل فحسب بل قيام ثورات ضد المحتلين وعملائهم وبالتالي سقوط تلك الاتفاقيات وخروج المحتلين كاتفاقية التبغ في عهد الملك القاجاري في ايران واتفاقية الذل التي وقعها شاه ايران السابق مع الامريكيين والتي منحتهم امتيازات لا تسمح للمحاكم الايرانية والمواطنين من مقاضاة الامريكيين اذا ما ارتكبوا جرائم على الاراضي الايرانية ‘ تلك الاتفاقية التي ادت الى قيام انتفاضة 15 خرداد في ايران وبروز قيادة الامام الخميني (ق س) وبالتالي تفجير الثورة الاسلامية التي اسقطت نظام الشاه وقيام الجمهعورية الاسلامية ‘ والسؤال هنا هل تقبل المرجعية الشيعية في النجف قيام الحكومة العراقية بعقد اتفاقية استراتيجية مع واشنطن واذا قبلت بما يتفق عليه ممثلوا الشعب فما هو نوع الاتفاقية وبنودها وشروطها ؟

قبل الدخول في جزئيات الموضوع لا بد من الاشارة الى امر في غاية الاهمية وهو ان العراق ليس كايران كما وان العراق ليس كالسعودية او قطر اوغيرها من الدول العربية التي تقيم بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية وللاخيرة قواعد عسكرية في تلك الدول لا يعلم احد بنودها السرية الا انها بلا شك تضمن للطرفين المصالح وامور اخرى لا يعلم غير الاطراف الموقعة ابعادها ‘ وبالنسبة للعراق الذي له حدود مشتركة مع عدة دول عربية وفيه فسيفساء من الطوائف والاقوام يشكل الشيعة فيه الاغلبية وعقد اي اتفاقية استراتيجية مع واشنطن من دون وضع الاعتبار لكل تلك العوامل والاطراف وتكون ضامنة بالدرجة الاولى لمصالح الشعب العراقي وخاصة الاغلبية فانها من شك سوف تخلق حساسية كبيرة وتثير مخاوف الجميع وعلى رأسهم الاغلبية السكانية في العراق ومن بعدهم الجارة ايران التي لا ترغب في ان يتحول العراق الى جبهة امامية للحرب ضدها من قبل الولايات المتحدة واي تجاهل لمثل تلك المخاوف سوف يقود العراق الى الدمار بل ولا نستبعد ان تتحول اراضيه الى جبهات حرب وقتال وساحة تصفيات اقليمية ودولية تكون وبالا على الجميع .

ومن هنا جاء تصريح معتمد المرجعية الشيعية في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي ودعوته الى عدم التسرع قائلا : (( حيث انها ستحكم علاقة طويلة الامد بين العراق _ الذي مازال محتلا ـ وبين امريكا ـ الدولة التي مازالت تمارس الاحتلال ـ فانهال اتفاقية دولية ستعقد وفق الاعراف الدولية وعلى الطرفين الالتزام بها ‘ وهذا يستلزم ان تكون اتفاقية ضامنة لمصلحة الشعب العراقي ولا تشكل خطرا على حاضره ومستقبله لانها ستلزم الاجيال القادمة بها وبالتالي فهي اتفاقية استراتيجية سترسم صورة العلاقة بين هاتين الدولتين وتمس المصالح العليا للشعب العراقي بكل قومياته واديانه وطوائفه ))

ويضيف الكربلائي (( ونحن نعتبرها ـ اي الاتفاقية ـ في غاية الاهمية والخطورة ويجب التأني الشديد في دراستها وكتابتها واقرارها )) ..

بالطبع ان الاخذ بعين الاعتبار كل تلك المخاوف وما تريده المرجعية الشيعية سوف يكون مدخلا مهما لمعرفة نوعية الاتفاقية التي تزمع الدولتين توقيعها خاصة وان اي اتفاق ايراني امريكي حول مستقبل العراق السياسي يضع مصلحة كل الاطراف بعين الاعتبار وخاصة الطرف الشيعي الذي يمثل الاغلبية في العراق وله توجه سلمي في بناء عراق ديمقراطي حر يبعده عن التجاذبات الاقليمية والتدخلات العربية وغير العربية سوف يسهل من قبول المرجعية الشيعية بها وقد تكون دعوة سماحة الشيخ الكربلائي للتأني الشديد في 'دراستها وكتابتها واقرارها' تلميح الى قبول ضمني بتلك الاتفاقية بشرط ان تكون ضامنة لمصلحة العراق العليا ولدور الاغلبية في قيادة العراق ومستقبله السياسي وان لا ينقلب الامريكيون على عهودهو ويسلموا العراق الى القتلة والارهابيين والى اجندة الدول التي ساهمت في ذبح العراقيين وتدمير العراق وخرابه.

ان من اهم الامور التي يجب الالتفات اليها قبل التوقيع على اي اتفاقية هو ان يكون الدور الامريكي يقتصر فقط على تدريب القوات الامنية والعسكرية وفقا لمبادئ واضحة وان لا يتدخل الامريكيون في تحديد نوع النظام والحكم بل هو امر يقرره الشعب العراقي عبر صناديق الانتخاب وليس عبر القوة العسكرية وعمليات الانقلاب وان لا يفرض على الاغلبية قرارات جائرة وحكومة لا تقبل بها بل هناك انتخابات وصناديق اقتراع هي التي تحدد من يحكم وهذه النقطة يجب ادراجها في الاتفاقية بين الدولتين وتكون من جهة اخرى حاضرة في اي حوار او اتفاق ايراني امريكي بحيث لا الايرانيون يتدخلون في الشان العراقي الداخلي ولا الامريكيون ومن دون ذلك فان عقد اي اتفاقية من هذا القبيل ودون ان تضع في حسابها الامور المذكورة سوف لا تحظى برضى المرجعية الشيعية .

وقد ادرك الامريكيون جيدا دور المرجعية الشيعية ويعلمون ان اي اتفاقية تعقدها الحكومة لا تقبل بها المرجعية تكون لا قيمة لها ومن هنا جاءت زيارة السفير الامريكي الاخيرة الى النجف ولقاءه بالمحافظ بعد ان فشلت محاولات موفق الربيعي في زيارته قبل عدة ايام الى النجف والى المرجع الاعلى الامام السيستاني في نزع الموافقة على الاتفاقية الامريكية العراقية حيث المرجعية الدينية وحسب ما جاء في خطاب الشيخ الكربلائي تريد ان تضمن مصالح العراق العليا ومصلحة الاغلبية والثمن الذي يجب ان تدفعه واشنطن ازاء اي اتفاقية استراتيجية .

العراقيون لا يريدون العودة الى الماضي ولا تكرار الاخطاء الاستراتيجية ولا يريدون الدخول في العداء والحرب مع الدول والعالم بل يسعون الى العلاقات الطبيعية وتبادل الاحترام مع الجميع فالاتفاقات الاستراتيجية بين الدول قائمة في كل مكان فاذا كانت لايران علاقة استراتيجية مع روسيا فليس هناك ما يمنع من اقامة ذات العلاقة للعراق مع روسيا او امريكا او فرنسا وبريطانيا او حتى مع ايران شرط ان لا يكون ذلك مدخلا لالغاء ارادة الشعب العراقي واستقلال البلاد وتدخل الاخرين في شؤونها .

الامريكيون هم بحاجة الى تكون لهم مصالح في العراق وهم الاحوج الى ان يكون لهم موقع قدم في العراق وهذا لا يتأتى من خلال القوة والاكراه نعم هم قاموا بعمل جبار في ازاحة كابوس النظام السابق واسقاطه والعراقيون لهم شاكرين الا ان ذلك لا يعني ان يكون مستقبل هذا البلد رهن قراراتهم وارادتهم بل لا بد للشعب العراقي من كلمة الفصل فحال اليابان والمانيا وغيرها من البلدان التي كانت محتلة ليست باحسن ولا افضل من الشعب العراقي الذي يتوق للحرية والاستقلال وتحكيم ارادته ‘ نعم نحن بحاجة الى مثل تلك الاتفاقيات الاستراتيجية ولتكن ضمن سلة من الحلول لعدد من الملفات الهمة عراقية واقليمية والدور الاكبر في رسم مستقبل العراق السياسي للاغلبية في ارض الرافدين وتفعيل بند الفيدرالية باسرع مايمكن وعندها اعتقد ان المرجعية الشيعية لا تمانع من عقد الاتفاقية التي تضمن مصالح الجميع وعلى رأسها مصلحة العراق العليا والاغلبية المحرومة .

اسعد راشد

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علي دبلوم ادارة مدنية ودبلوم اقتصاد وسياحة
2008-02-20
بما ان الموضوع سياسي بحت فانا احب ان اغير السياسة الى الاقتصاد ولان اصبح العراق في طور التغير المدني الى التغير العسكري اي عسكرت المجتمع بسب الارهاب لذلك يجب على الدورات العسكرية ان تعمل ايضا من الان التخصصات المدنية لان سوف يحتاج العراق الى قسم كبير من هؤلاء الابطال في عملية البناء وهذا يتطلب ان يكون العراق مثل سويسرا بلد منزوع السلاح وماكوا اي اتفاقية عسكرية مع اي دولة كانت سوى الاتفاقات التجارية على شرط اول هو اخذ مصالح الشعب العراقي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك