المقالات

العراق: هل يمكن ابتلاع الدولة؟/ محمد الشمري

2642 07:26:47 2016-05-03

محمد الشمري

تفصح الاحداث الاخيرة التي حصلت في العاصمة بغداد، عن عمق الازمة التي يعيشها العراق عبر سنوات، والتي هي في جوهرها ناتجة عن سعي البعض من القوى السياسية الى ابتلاع الدولة العراقية او اجزاء منها، تحقيقاً لتطلعات واهداف، البعض منها اقتصادي، أو قومي، أو طائفي، أو عائلي، واحياناً شخصي.
ان تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ نشوئها عام ١٩٢١، يؤكد ان تلك المحاولات جميعها باءت بالفشل، ولعل اقرب تجربة مريرة حصلت هي تجربة النظام السابق، التي وصل خلالها العراق الى ان عائلة واحدة ارادت ابتلاع العراق بالكامل، واصبحت النهاية معروفة للجميع.
المشكلة دائماً في تلك المحاولات انها لا تدور في نطاق النخبة السياسية، على الاقل كما كان عليه الحال في العهد الملكي، ولكنها تستغل التعدد الاجتماعي والفكري الذي يتصف به الشعب العراقي، وتستثير التناقضات الكامنة فيه، لايجاد مرتكزات قوة لتلك القوى في ازاء الاخرين، ولعل ذلك كان واضحاً في اللعب على الثنائيات، شيوعي-قومي، اسلامي-علماني، عربي-كوردي، بعثي-لا بعثي، سني-شيعي، ومؤخراً فوضوي-نظامي، دون أدنى مراعاة لحدود المصلحة الوطنية ولا لحرمة الدماء والاعراض.
لعل البعض يرى أن تلك النتيجة هي من ارهاصات غياب الهوية الوطنية، والبنية الهشة لمؤسسات النظام السياسي، وتمكن الفساد منها، وغياب النضج لدى الفاعلين السياسيين، وهي وغيرها كلها عوامل جوهرية، ولكن ينبغي النظر الى تلك العوامل في ضوء اعتبارين اساسيين:
الاول: ان بناء الهوية الوطنية وتقوية مؤسسات الدولة واقتلاع جذور الفساد هي ليست قرارات سحرية يمكن ان تتحقق بين ليلة وضحاها، وانما هي عملية بناء مستمرة كان ينبغي التأسيس على تراكماتها عبر سنوات طويلة.
الثاني: ان انجاز تلك المتطلبات هي نتاج سلوكيات القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في المشهد العراقي، وعلى نحو تكاملي، مع امتلاك رؤية وطنية مشتركة.
لقد شهد العراق عام ٢٠٠٣ تحولاً جذرياً عن مجمل المراحل السابقة، وكان يمكن أن يمثل الدستور الحد الادنى للرؤية المشتركة المطلوبة، الا أن انقسام القوى السياسية الفاعلة افضى الى ما نحن فيه اليوم.
الانقسامات اصبحت معروفة وعميقة، ولكن الانقسام الابرز هو بين معسكرين، الاول معسكر استحواذي لم يستوعب دروس التاريخ وتصور أنه يستطيع ان يبتلع الدولة العراقية، وآخر واقعي ادرك ان التنافس بين مشاريع عدة لبناء الدولة هو المدخل لبقاءه وتحقيق اهدافه، أي أنه يوازن بين مصلحته الخاصة والمصلحة العامة.
ان استمرار المعسكر الاول بنفس سلوكياته سيقود البلاد بلا شك الى مستوى من الفوضى يتجاوز بمراحل الانتكاسات التي حصلت منذ عام ٢٠٠٦ وحتى الان، وهو ما لن تقف القوى الاخرى الاجتماعية والسياسية مكتوفة الايدي ازاءه، ويبقى القرار بيد الاغلبية الصامتة من الشعب العراقي خصوصا انها ستكون الضحية الاولى له، ولات حين مندم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك